القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة إلا غفر الله له، واقرؤوها على موتاكم» .
وفيه دليل على وصول القراءة إلى الميت فإنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأها على موتانا، وأمره في هذا المكان أمر إرشاد لا يجوز أن يعرى عن فائدة، ولا فائدة للعبد بعد موته أعظم من الثواب، فإنا نعلم يقيناً، أن الميت من أحوج الناس الى ما يقربه من رحمة الله، ويباعده من عذاب الله، وقد امتنع عليه ذلك بعد موته بفعل نفسه، فما بقي يحصل له ذلك إلا بفعل غيره، والحصول هو الثواب المترتب على القراءة، والله أعلم.
فإن قيل: قد فسر جماعة من العلماء أن المراد بقراءة يس عند الاحتضار للمسلم الذي سيموت.
وقد ذهب الى هذا جماعة من العلماء حتى الشيخ مجد الدين ابن تيمية الحراني بوب عليه في كتابه المنتقى.
قيل: هذا خلاف الحقيقة، فإنه إذا حمل على من سيموت يكون حمل اللفظ على مجازه، ومعلوم أن حمل اللفظ على حقيقته أولى من حمله على مجازه، فإن سلم أنه أريد به المحتضر، فهو حجة على المخالف المانع من وصول ثواب القراءة إلى الميت، فإن قول المخالف في أن الحي لا ينتفع بعمل الغير، أشد من قوله في الميت.
فإن قيل: إنما يحصل له به راحة وسرور كالتذاذة به في الدنيا.
قلنا: هذه دعوى تفتقر إلى دليل، والأصل عدمه، بل نقول: أي راحة وسرور أعظم من ثواب يحصل للميت يرفع درجاته أو يحط عنه سيئاته؟ وقد أفردت لهذا الكلام جزءاً وسميته الدر المنتخب في إهداء القرب فمن رام كشف ذلك فليطلبه من محله، وما نذكره هنا على سبيل التنبيه.
ومنها ما روي عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن العاص بن وائل، نذر أن ينحر في الجاهلية مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، «وأن عمراً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: أما أبوك، فلو أقر بالتوحيد، فصمت عنه وتصدقت عنه نفعه ذلك» رواه الإمام أحمد، وهو دليل على وصول أفعال الخير إلى الميت.