اعلم ـ رحمك الله ـ أن الرضا بالمصائب، أشق على النفوس من الصبر، وقد تقدم أن الصبر من أشق الأشياء على النفوس، وفي جامع الترمذي «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فله السخط» .
وقد تنازع العلماء والمشايخ، من أصحاب الإمام أحمد، وغيرهم، في الرضا بالقضاء، هل هو واجب؟ أو مستحب؟ على قولين، فعلى الأول يكون من أعمال المقتصدين، وعلى الثاني يكون من أعمال المقربين، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، فالعبد قد يصبر على المصيبة ولا يرضى بها، فالرضا أعلى من مقام الصبر، لكن الصبر اتفقوا على وجوبه، والرضا اختلفوا على وجوبه، والشكر أعلى من مقام الرضا، فإنه يشهد المصيبة نعمة، فيشكر المبلي عليها.
قال عمر بن عبد العزيز: أما الرضا، فمنزلة عزيزة أو منيعة، ولكن قد جعل الله في الصبر معولاً حسناً.
وقال محمد بن إدريس الشافعي: حدثنا زهير بن عباد، عن السري ابن حيان، قال: قال عبد الواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وسراج العابدين.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، «عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصبر رضا» ، فهذا الحديث، فيه بشارة عظيمة لأهل المصائب، إذ سمى الصبر رضا.
وبإسناده أيضاً إلى أبي مسلم، قال أبو مسلم: دخلت على أبي الدرداء في اليوم