ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا إسعاد ولا عقر في الإسلام» ، قد تقدم الكلام على العقر في الإسلام وقوله: لا إسعاد: فهو من إسعاد النساء في المناحات، وهوأن تقوم المرأة في المأتم وتقوم معها أخرى، فيقال قد أسعدتها وهو مسعد.

و «يروى في حديث آخر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن فلانة أسعدتني أفأسعدها؟ فقال: لا ونهى عن النياحة بالإسعاد» .

وقال: إنها مأخوذة من وضع الرجل يده على ساعد صاحبه إذا تماشيا في حاجة.

وأما صنع أهل الميت طعاماً للناس فمكروه، لأن فيه زيادة على مصيبتهم، وشغلاً لهم إلى شغلهم، وتشبيهاً بصنع أهل الجاهلية، فإنهم يتكلفون طبخ الطعام، كما يفعله أهل البر في زماننا وقد تقدم.

فهذا من النياحة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ثبت في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه، من النياحة.

رواه ابن ماجة، ورواه سعيد بن منصور في سننه ولفظه: أن جريراً وفد على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل تتجمعون عند أهل الميت وتجعلون الطعام؟ قال: نعم.

قال: ذاك النوح.

وقال الشيخ موفق الدين ـ رحمه الله ـ في المغني: وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز، فإنهم ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة ويبيت عندهم، فلا يمكنهم إلا أن يضيفوه.

انتهى كلامه.

قلت: وإذا دعت الحاجة إلى صنع الطعام من أهل الميت، لمن يفد من القرى ونحوها، إنما ذاك بشرط أن لا يكون من مال الأيتام، خصوصاً إذا لم يكن لليتيم سوى ذاك الحيوان.

فأما وفود أهل البادية على أهل الميت في قريتهم، فالضيافة على أهل القرية، إما واجبة أو مستحبة، وليست على أيتام الميت، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015