ومِنْ تِلْكُمُ المَسَائِلِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ البَحْثِ عَنْها والحَدِيْثِ فِيْها؛ مَسْألةُ: «الفِتْنَةِ» الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وبَعْدَ النَّظَرِ والتَّتبُّعِ إذْ بِنَا نَجِدُها قَدْ تَنَازَعَتْها ثَلاثَةُ فُنُوْنٍ مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعيَّةِ: (عِلْمُ العَقِيْدَةِ، وعِلْمُ التَّارِيْخِ، وعِلْمُ الحديثِ).

فأمَّا كُتُبُ العَقِيْدَةِ؛ فَقَلَّمَا يَخْلُوْ كِتَابٌ مِنْ ذِكْرِهَا؛ إلاَّ أنَّهَا في الغَالِبِ الأعمِّ لَمْ تُعْنَ بِتَفْصِيْلِ مَجْرَيَاتِهَا، أو تَهْتَمْ بِطُوْلِ أحْدَاثِها؛ اللَّهُمَّ ما كانَ مِن الحَدِيْثِ عَمَّا يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَهُ المُسْلِمُ تُجَاهَهَا، والنَّظَرِ حَيَالَهَا ... وهُوَ: (السُّكُوْتُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم)!

أمَّا كُتُبُ التَّارِيْخِ؛ فَقَلَّمَا يَخْلُو كِتَابٌ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الفِتْنَةِ عَلَى التَّفْصِيْلِ، والتَّحْلِيْلِ، مِنْ أحْدَاثٍ، وَأخْبَارٍ ... !

أمَّا عِلْمُ الحَدِيْثِ فَهُوَ المِيْزَانُ العِلْمِيُّ، والنَّاقِدُ المُعْتَمَدُ، والحُجَّةُ القَاطِعَةُ في الفَصْلِ بَيْنَ صَحِيْحِ الأخْبَارِ وضَعِيْفِهَا، ومَقْبُولِهَا ومَرْدُودِهَا!

فَهُوَ المُهَيْمِنُ (بَعْدَ القُرْآنِ) عَلَى جَمِيْعِ عُلُومِ الشَّرِيْعَةِ الإسْلامِيَّةِ؛ ابْتِدَاءً بالعَقِيْدَةِ، والفِقْهِ، وانْتِهَاءً بالتَّفْسِيْرِ، والتَّارِيْخِ ... إلَخْ.

لِذَا مَنْ أرَادَ أنْ يَأْخُذَ حَظَّهُ مِنَ النَّظَرِ في هَذِهِ المَسْأَلَةِ (الفِتْنَةِ) فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ أَخْذِ أزِمَّةِ كُتُبِ العَقِيْدَةِ والتَّاريخِ والحَدِيْثِ جَنْبًا بِجَنْبٍ؛ كَي تَثْبُتَ قَدَمُهُ عَلَى طَرِيْقِ اليَقِيْنِ وَدَرَجَةِ التَّسْلِيْمِ؛ لأنَّ هَذِهِ المَسْألَةَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015