بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ، وعَلَى آلِهِ، وزَوْجَاتِهِ أُمَّهَاتِ المُؤمِنِيْنَ، وعَلَى أصْحَابِهِ الغُرِّ المَيَامِيْنِ، ومَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أمَّا بَعْدُ: فإنَّ كَمَالَ الشَّيءِ مَرْهُونٌ بحقيقةِ لَفْظِهِ ومَعْنَاه، لا أَحَدُهُما دُوْنَ سِوَاهُ، فَإذَا عُلِمَ هَذا عَلَى قَصْدِهِ ومُبْتَغَاهُ، ظَهَر لِكُلِّ ذِي عَيْنٍ وبَصِيْرَةٍ أنَّ دِيْنَ الإسْلامِ قَدْ حَازَ التَّمَامَ والكَمَالَ فِي عُلُومِهِ وفُنُونِهِ، وشَرْعِهِ وشُؤُونِهِ؛ حَيْثُ أَخَذَ مِنَ التَّمَامِ أَعْلاهُ، ومِنَ الكَمَالِ مُنْتَهاهُ، فَقَدْ اتَّسَقَ اتِّسَاقَ القَمَرِ، واكْتَمَلَ اكْتِمالَ البَدْرِ، وانْتَظَمَ انْتِظَامَ العِقْدِ، فَهَذِه أُصُولُه قَدْ أُحْكِمَتْ، وهَذِهِ فُرُوْعُه قَدْ رُتِّبَتْ.
* * *
حتَّى إنَّكَ إذَا أرَدْتَ مَسْألةً جَلِيْلَةً أو دَقِيْقَةً مِنْ مَسَائِلِهِ لَمْ تَجِدْها شَرِيْدَةً هُنَا أو هُنَاكَ، أو مُبَعْثَرَةً فِي كِتَابٍ طَالَمَا أَغْوَاكَ؛ بَلْ تَرَاهَا قَدْ رُتِّبتْ تَحْتَ مَسَائِلَ، والمَسَائِلُ تَحْتَ فُصُولٍ، والفُصُولُ تَحْتَ أَبْوَابٍ، والكُلُّ يَجْمَعُهُ كِتَابٌ؛ فَهَذا كِتَابُ «المُغْنِي»، وذَاكَ كِتَابُ «التَّوْحِيْدِ»، وهَكَذا كِتَابُ ... إلَخْ.
فَلَيْتَ شِعْرِي؛ هَلْ وَجَدْتَ دِيْنًا كهَذَا، أو عِلْمًا بِهَذَا، أو مَسْألةً مِنْ هَذَا؟؛ كَلاَّ والَّذِي فَلَقَ الحبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ!
* * *