تزكيه النفوس (صفحة 121)

أسرار التوبة ولطائفها

اعلم أن العبد العقال إذا صدرت منه الخطيئة فله نظر إلى أمور:

أحدها: أن ينظر إلى أمر الله ونهيه فيحدث له ذلك الاعتراف بكونها خطيئة والإقرار على نفسه بالذنب.

الثانى: أن ينظر إلى الوعد والوعيد فيحدث له ذلك خوفاً وخشية تحمله على التوبة.

الثالث: أن ينظر إلى تمكين الله له منها وتخليته بينه وبينها وتقديرها عليه وأنه لو شاء لعصمه منها فيحدث لك ذلك أنواعاً من المعرفة بالله واسمائه وصفاته وحكته ورحمته وحلمه وكرمه، وتوجب له عيودية بهذه الأسماء لا تحصل بدون لوازمها البتة، ويعلم ارتباط الخلق والأمر الوعيد بأسمائه وصفاته وأن ذلك موجب الأسماء والصفات وأثرها فى الوجود، وهذا المشهد يطلعه على رياض موفقة من المعارف والإيمان وأسرار القدر والحكمة يضيق عن التعبير عنها نطاق الكلم.

منها: أن يعرف العبد عزته فى قضائه، وهو أنه سبحانه العزيز الذى يقضى بما يشاء وأنه لكمال عزته حكم على العبد وقضى عليه بأن قلب قلبه وصرف إرادته عل مايشاء وحال بين العبد وقلبه.

ومن معرفة عزته فى قضائه أن يعرف أنه مدبر مقهور ناصيته بيد غيره، لا عصمة له إلا بعصمته ولا توفيق له إلا بمعونته فهو ذليل حقير فى قبضة عزيز حميد، ومن شهود عزته فى قضائه أن يشهد أن الكمال والحمد والعزة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015