التوبة من الذنوب بالرجوع إلى ستّار العيوب، وعلاّم الغيوب، مبدأ طريق السالكين، ورأس مال الفائزين، وأول إقدام المريدين، ومفتاح استقامة المائلين، ومطلع الأصطفاء، والاجتباء للمقربين.
ومنزل التوبة أول المنازل، وأوسطها، وآخرها، فلا يفارقها العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه، ونزل به، فالتوبة هى بداية العبد ونهايته، وقد قال تعالى:
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: من الآية 31)
وهذه الآية فى سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم، وهجرتهم، وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة وأتى بكلمة " لعل" إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم، وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات: من الآية 11)
فقسم العباد إلى: " تائب " و " ظالم " وليس ثم قسم ثالث، وأوقع اسم الظالم على من لم يتب ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله، وفى الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله فوالله إنى أتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة " (?).
والتوبة هى: رجوعُ العبد إلى الله ومفارقته لصراط المغضوب عليهم