يَطْلُبُ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِطَلَبِ الْآخِرَةِ وَعَلَى سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْحَقِّ وَذَرِيعَةٍ مِنْ قُرْبِ الْوَسِيلَةِ، فَوَسِيلَتُهُ لِنَفْسِهِ وَكَدُّهُ وَسَعْيُهُ لِحَظِّهِ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِالدُّخُولِ فِي مَيْدَانِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَطْلَبِ نَسِيمِ رَوَائِحِ الْقُرْبِ، وَلَوْ تَكَشَّفَتْ لَهُ بَصَائِرُ هُدَى إِيمَانِهِ، وَعَلَتْ هِمَّتُهُ إِلَى مَعَالِي طَلَبِ الْحَيَاةِ لَحَيَّ حَيَاةَ الْمُقَدِّسِينَ، وَالثَّالِثُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: عَتِيقٌ مِنْ كُلِّ رِزْقٍ، مُغَيَّبٌ عَنْ كُلِّ غَيْبٍ، وَلَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، سَكْرَانُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَا يَسْمَعُ إِذَا نُودِيَ، وَلَا يَنْظُرُ , إِذَا نَظَرَ، أَنْفَاسُهُ تُرَدَّدُ فِي صَدْرِهِ، مَكْرُوبٌ قَدْ ضَاقَتْ بِهِ الْحَيَاةُ فَلَوْلَا بَقَاءُ الْمُدَّةِ , لَتَفَصَّلَتْ آرَابُهُ، وَلَتَفَطَّرَ قَلْبُهُ لِمَا يَحْدُثُ بِأَسْرَارِهِ , وَذَلِكَ رَجُلٌ اللَّهُ الْمَخْصُوصُ بِذِكْرِهِ، الْمُكَرَّمُ بِمَحَبَّتِهِ، الْمَعْرُوفُ بَيْنَ قَبَائِلِ مَلَائِكَتِهِ فِي سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ.

1399 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْن عُثْمَانَ بْنِ شَاهِينَ الْوَاعِظُ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَخِي طَلْحَةَ يَذْكُرُ، عَنِ الْفَيَّاضِ بْنِ غَزْوَانَ، قَالَ: قَالَ نُعْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ , لَا يَكُونَنَّ الدِّيكُ أَكْيَسَ مِنْكَ، يُنَادِي بِالْأَسْحَارِ , وَأَنْتَ نَائِمٌ، يَا بُنَيَّ قَدْ حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ , وَكُلَّ حِمْلٍ ثَقِيلٍ , فَمَا أَحْمِلُ شَيْئًا أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السُّوءِ، يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْكَذِبُ , فَإِنَّهُ أَشْهَى مِنْ لَحْمِ الْعُصْفُورِ , وَعَمَّا قَلِيلٍ يَقْليهِ صَاحِبُهُ، يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَبَعْضُ النَّظَرِ فَإِنَّ بَعْضَ النَّظَرِ يُوَرِّثُ الشَّهْوةَ فِي الْقَلْبِ، يَا بُنَيّ لَا تَأْكُلْ شَبِعًا فَوْقَ شِبَعِكَ , فَإِنَّكَ إِنْ تَنْبُذُهُ أَوْ تَتْرُكُهُ لِلْكَلْبِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَأْكُلُهُ، يَا بُنَيَّ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْطَعَ أَمْرًا , فَلَا تَقْطَعْهُ , حَتَّى تُؤَامِرَ مُرْشِدًا، يَا بُنَيَّ إِذَا أَرْسَلْتَ فِي حَاجَةٍ , فَأَرْسِلْ حَكِيمًا، فَإِنَّ لَمْ تُصِبْ حَكِيمًا فَكُنْ أَنْتَ رَسُولَ نَفْسِكَ، يَا بُنَيَّ لَا يُعَانُ السُّلْطَانُ , إِذَا غَضِبَ , وَلَا الْبَحْرُ , إِذَا مُدّ.

1400 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَيُّوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَلَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْحَرْبِيَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةُ طَلَبَ النَّحْوَ فِي أولِ أَمْرِهِ، فَذَهَبَ يَقِيسُ , فَلَمْ يُحْسِنْ , فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أُسْتَاذًا، فقَالَ: قَلْبٌ وَقُلُوبٌ وَكَلْبٌ وكُلُوبٌ، فَقِيلَ لَهُ: كَلْبٌ وَكِلَابٌ فَتَرَكَهُ , وَوَقَعَ فِي الْفِقْهِ، فَكَانَ يَقِيسُ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالنَّحْوِ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ بِمَكَّةَ فَقَالَ لَهُ: رَجُلٌ شَجَّ رَجُلًا بِحَجَرٍ، فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ , لَوْ أَنَّهُ حَيٌّ يَرْمِيهِ بِأَبَا قُبَيْسٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

1401 - أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ إِمَامُ الشَّافِعَيَّةِ بِبَغْدَادَ , بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ طِرَازٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَليِّ بْنِ الْمَرْزُبَانِ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الدِّينَوَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْعَيْنِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يُحِبُّ النَّظَرَ إِلَى كَثِيرٍ، إِذْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015