رأيت أبنية مضروبة للحسين بالفلاة، فأتيت فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع

تسيل على خدَّيه، فقلت: يا ابن رسول الله، ما أنزلك هذه الفلاة

التي ليس بها أحد؟ قال: هذه كتب أهل الكوفة إليَّ ولا أراهم إلا

قاتليَّ، فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها، فيسلط الله عليهم

من يذلهم حتى يكونوا أذل من فَرَم (?) الأَمَة، يعني مقنَعتها.

أبو معشر السندي، عن بعض مشيخته، أن الحسين حين نزل

كربلاء، قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء. قال: كرب وبلاء.

فبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد فقاتلهم، فقال الحسين: يا

عمر، اخْتَرْ مني إحدى ثلاث: إما تتركني أن أرجع، أو تسيرني إلى

يزيد فأضع يدي في يده فيحكم فيما يرى، فإن أبيت فسيرني إلى الترك

فأقاتلهم حتى أموت.

فأرسل عمر بذلك إلى ابن زياد فهم أن يسيره إلى يزيد، فقال له

شمر بن ذي الجوشن؛ لا، إلا أن ينزل على حكمك. قال: فأرسل

إليه بذلك. فقال الحسين: والله لا أفعل، وأبطأ عمر عن قتاله،

فأرسل إليه شمرًا فقال: أن تقدم عُمر وقاتل، وإلا. فاقتله وكن

مكانه. وكان مع عمر بن سعد ثلاثون رجلًا من أهل الكوفة، فقالوا:

يَعرِض عليكم ابن بنت رسول الله ثلاث خصال، فلا تقبلون منها شيئًا.

وتحولوا إلى الحسين فقاتلوا معه.

وقال عباد بن العوام، عن حصين، عن سعد بن عبيدة قال: رأيت

الحسين وعليه جبة برود ورماه رجل يقال له: عمرو بن خالد الطهوي

بسهم، فنظرت إلى السهم معلقًا بجنبه.

قال سعد: وقاتلهم عمر بن سعد حتى قتلهم، وإني لأنظر إليهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015