يقول: قال لي أبو مصعب: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن
حنبل، فقال رجل من جلسائه: جاوزت الحد! فقال أبو مصعب: لو أدركت
مالكًا ونظرت إليه وإلى محمد بن إسماعيل لقلت: كلاهما واحد في الفقه
، الحديث. وقال عامر بن المنتجع: ثنا أحمد بن الضوء سمعت أبا بكر بن أبي
شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير يقولان: ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل وقال
محمد ابن أبي حاتم: سمعت محمود بن النَّضر الشافعي يقول: دخلت العراق
والحجاز والشام ورأيت علماءها، فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه
على أنَّفسهم. وقال أبو علي صالح جزرة: كان محمد بن إسماعيل
ببغداد، وكنت أستملي له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفًا. وقال
خلف الخيام: سمعت محمد بن يؤسف بن عاصم يقول: رأيت لمحمد بن
إسماعيل ثلاثة مستملين ببغداد، وكان اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألفًا.
قال ابن عدي: سمعت عدة مشايخ يحكون أن البخاري قدم بغداد، فسمع به
أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا أسانيدها، وجعلوا
متن هذا الإسناد هذا، ودفعوا إلى كلّ رجل عشرة أحاديث ليلقيها على
البخاري إذا جلس، وحضروا فلما. اطمأن المجلس بأهله انتدب رحل من العشرة
فسأله عن حديث، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه (إلى أن
فرغ من عشرته، فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض،
ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز
والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك
فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه) (?) فلم يزل يلقي عليه حتى
فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب له الثالث والرابع حتى
فرغوا، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه، فلما علم أنهم قد فرغوا التفت
إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا،
و(أما) (?) الثالث، والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة فرد كلّ من
إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقر له الناس
بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. قال ابن عدي: وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن