قال في أثناء الخطبة: ولم تخل الأرض من قائم لله بحجة، ولا

يحصل ذلك إلا بتزكية النفس، وذلك منحصر في العلم

والعمل، لكن اختلف الناس في ذلك وتباينوا فيه، فكل قوم يَدَّعون أَنَّ

ما هم عليه من القول والعمل هو الحق، المؤَّدي إلى تزكية النفس، وأن

ما سوى ذلك باطِلٌ مُضِرٌّ بصاحبه، ويقيمون على ذلك دلائل وبراهين

من أفكارهم، ويَدَّعي خصومهم مثل ذلك، فكل بكل معارض وبعض

ببعضى مناقض. وما كان هذا سبيله فليس فيه ضفاء غليلٍ ولا بُرْءُ عَليلٍ،

فلم يبق ما يعول عليه إلا القرآن والسنة.

فأما القرآن؛ فقد تولى الله حفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ

لَحَافِظُونَ} (?) وظهر مصداق ذلك مع طول المُدة واتساع الإسلام.

وأما السنة؛ فإن الله - تعالى - وفق لها حفاظًا وجهابذة، فتنوعوا

في تصنيفها على أنحاء كثيرة، فكان من أحسنها تصنيفًا: صحيح

البخاري، ثم صحيح مسلم، ثم بعدهما: سنن أبي داود، ثم جامع

الترمذي، ثم سق النسائي، ثم سنن ابن ماجه - وإن لم يبلغ درجتهم.

فصنف في هذه الكتب تصانيف: بعضها في متونها، وبعضها في

أسانيدها؛ فكان من ذلك كتاب الكمال الذي صنفه الحافظ عبد الغني

المقدسي فلم يصرف عنايته إليه، ولا استقصى الأسماء، ولا تتبع

التراجم، ثم إن ولده رام تهذيب كتابه؛ فزاد فيه أسماء جماعة كثيرة

استدركها (?) من الأطراف لابن عساكر، قذكر - طائفة من الصحابة

والتابعين، وذكر طائفة من شيوخ التبل، لكن ذكر ذلك مختصرًا مُنتَّفًا

مع أوهام شنيعة، فأردت تهذيب الكمال واستدراك النقص، فتتبعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015