العمل من ابتداء شهر المحرم إلى نهاية شهر شعبان، فإذا دخل شهر رمضان ابتدأت الإنارة بالماكنة الكبيرة تضيء الليل كله من قبل الغروب إلى الإسفار، ويستمر العمل على ذلك شهر رمضان وشوال وذي القعدة وذي الحجة، فلما استمر السير على ذلك ظهر أن الماكنة الكبيرة لا تكفي قوتها بأن تضيء ألف لمبة كما ينبغي، فصدر أمر جلالة الملك ابن سعود قدس الله روحه بأن يضم على الكهرباء عدة لمبات لوكس لأجل أن تصير الإضاءة كافية لإنارة المسجد الحرام، فضم نحو ثلاثين لمبة في قوة ثلاثمائة شمعة، واستمرت الإضاءة إلى ما سنذكره بعد ذلك إن شاء الله تعالى، وبذلك نحيط علمًا بجلالة هذا الملك العظيم وسعة تدابيره وأعماله، فما كان ليشغل باله العمران وإصلاحات الحرمين الشريفين عن طبع كتب أهل السنة، وتكبد الخسائر على ذلك عن الجهاد والقتال وإطفاء الثورات الداخلية.
استهلت هذه السنة والدويش مقيم على العناد والتمرد، وقد عاد الكرة على المسلمين وظن أنه أصبح ذا شأن وأراد أن يكون كابن سعود أو أعظم منه، وحسده ونفس عليه ملكه، وبعث ابنه عبد العزيز إلى "لينة" للنهب والسلب والإفساد، وأصحبه بكبار مطير وبرجال آخرين شجعان حتى بلغ عددهم 709، فما رأى صاحب الجلالة عبد العزيز بن السعود صنيع عتيبة وما ارتكبته من القتل والنهب جردَّ حملةً قوية من عتيبة الموالية له وضرب بها عتيبة المعادية ضربةً دوختها، وقوى الحامية في نجد والإحساء والحجاز، ثم طفق يفكر في الوسيلة التي تمكنه من المتمرد العنيد الباغي فيصل الدويش الذي لا ينفع فيه عفو ولا إحسان، ولا يعبأ بعهد ولا ميثاق مهما كان، فلم يجد إلى القوة فهي وحدها الكفيلة بأن تقضي على الفتن والشرور، لكن كيف الحال وقد صعب أمره واجتمع على رأيه بقية أذنابه وسار ابنه عبد العزيز بتلك الجموع للإفساد والتدمير.
ولما أن بلغ عبد العزيز بن الدويش بأرذاله "لينة" لم يجدوا فيها أحدًا فغادروها