أسمع خطبائكم يقولون هذا إمام عادل وهذا كذا وكذا فاعلموا أنه ما من رجل مهمًا بلغ من المنازل العالية يستطيع أن يكون له أثر وأن يقوم بعمل جيد جدًا إذا كان لا يخشى الله، وإني أحذركم من اتباع الشهوات التي فيها خراب الدين والدنيا وأحثكم على الصراحة والصدق في القول وعلى ترك الرياء والملق في الحديث: لم يفسد المالك إلا الملوك وأحفادهم وخدامهم والعلماء المتملقون وأعوانهم، ومتى اتفق الأمراء والعلماء على أن يستر كل منهم على الآخر فيمنح الأمير الرواتب والعلماء يدلسون، ضاعت حقوق الناس وفقدنا والعياذ بالله الآخرة والأولى، إلى أن قال خاتمًا كلامه.
وإني لأحمد الله الذي جمع الشمل وأمن الأوطان ولكم علي عهد الله وميثاقه أني أنصح لكم كما أنصح لنفسي وأولادي، فهتف الناس إذ ذاك قائلين: جزاك الله خيرًا، جزاك الله خيرًا، وفي مساء ذلك اليوم دعا جلالته إلى قصره أعضاء المجلس الأهلي والوفد الذي قدم من جدة وبعض أهل الوجاهة في أم القرى فخاطبهم بما معناه:
إننا الآن في وقت العمل وفي ساعة التأسيس ولا يستقيم الأمر إلا بحسن التدبير والصدق والنزاهة، أنتم أرباب الرأي والفكر في بلادكم فعليكم أن تقرروا شكل الحكومة، وتضعوا دستورًا لها وتحددوا العلاقات بين نجد والحجاز، وتبحثوا فيما ينبغي أن يكون موقف الحجاز تجاه الدول، ثم أمر بأن يؤلف من مندوبي مكة وجدة مجلس تأسيسي فينضم إليه مندوبون من بلدان الحجاز الأخرى للنظر فيما ذكر من المسائل وتقريرها.
وبعد أن تألف هذا المجلس انتخب بالاقتراح السري لجنة لوضع القانون الأساسي ثم عرض أسماؤها على جلالة الملك فأمر بأن يرأس اللجنة الشيخ "عبد القادر الشيبي" حامل مفتاح بيت الله الحرام وأن يضم إليها خمسة آخرون انتخبهم جلالته من الأشراف والتجار كذلك في هذا الشرف الجديد يصلح التعيين بالاقتراع ويكمل الحاكم الفرد ما ينقص في حكم الشورى، أما الهيئة التأسيسية