يؤثر في الحق شيئًا، وإني لم أتعاقد مع بريطانيا باسمي بل باسم العرب أجمعين، فماذا أقول لهم إذا أن فرطت في حقوقهم تثبيتًا لعرشي واحتفاظًا بملكي، فهل سبعة عشر عامًا مررت بهذا القنال في طريقي إلى الحجاز لأتولى الإمارة فيه، وإذا كنت قد تركته اليوم واعتزلت الحكم فإن للبيت ربٌّ يحميه وفي العرب ولله الحمد من يستطيع أن يجاهد في سبيل تشييد ما أسست، وإكمال ما به بدأت على أنني أعرف نفسي أنني ما أخطأت في سياستي إلا لأني وثقت بوعود بريطانيا، وحسبت من أخلاق الأوربيين مراعاة الشهامة وتقدير قيمة الإخلاص، ومع كلٍ فإن ذلك لم يكن مني إلا عن حسن نية.
وهنا تكلم عبد الملك الخطيب قائلًا: لقد كانت الخلافة يا مولاي شؤمًا علينا لأنها أثارت الرأي العام الإسلامي ضدنا فلم تجد بريطانيا من مصلحتها تأييدنا بعد أن اتهمت بأنها هي التي تريد ذلك، فأجابه الحسين ألا تعلم أنني لم أطلب الخلافة، وإنما العرب في شرق الأردن وسوريا هم الذين اختاروني لها، وعبد الله هو الذي ألح علي بقبولها وقال إنها تعزز مركزنا وتحمل بريطانيا على الوفاء بتعهداتها لنا والإذعان لمقررات النهضة فقبولي لها ما كان إلا لخدمة القضية العربية، وفي سبيل نجاحها، ودعا الحسين ضيوفه للغداء معه على ظهر الباخرة، ودعا معهم قائد البارجة التي أعرب عن تقدير البريطانيين لموقف الملك الحسين من الحلفاء في الحرب العامة وأنه بتنازله بقبوله السفر إلى أي جهة تعينها له بريطانيا لدليل على عظيم ثقته بها ولذلك فإنه سيكون موضع الإجلال والاحترام في أي بلد يحل فيها كما أن في نقله على هذه الباخرة التي سبق أن استقلها جلالة الملك جورج الخامس أثناء زيارته للهند لدليل على إكبار بريطانيا لجلالة الملك الحسين وفي المساء ودع المعتمد ورفاقه الحسين في مشهد أليم حيث كانت الدموع تتقاطر من عيون الجميع، ونزلوا من الباخرة وهم يرددون: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} إلى آخر الآية.
رجعنا إلى ما نحن في صدده فنقول: كان الأمير عبد الله بعدما انتقل والده