جانب التعالي، فسكت ثم أذن بالحج بعدها بسنتين، وكان قد تطلب ونصلب كقوله: يجب أن يبين عددهم، ثم نادى بأن يكون عددهم محدود لا يقبل الزيادة، ثم طلب بأن يأتوا عن طريق البحر كبقية المسلمين.
وهذا والله من المبالغة الشديدة في العناد، وهكذا أخذ يشتد في الطلبات ويقسو في لهجة كتبه إلى بريطانيا ويتهمها بمحاربة خصمه، كما أنه طفق ابن سعود يتصل ببريطانيا عن طريق المندوب السامي بالعراق ويلح عليها أن تضع حدًا لعناد الشريف وإصراره على رغباته غير المشروعة، لأنه لا يمكن تحديد عدد الحجاج النجديين، وما داموا قد حجوا قبل ذلك بدون أن يحدث منهم شيء من الأذى فليس من الرأي وضع العراقيل أمامهم، ولم تيأس بريطانيا من السعي بينهما في الصلح، وكرهت أن تتخطى ليصطرعا وهي ترى أن هناك شعاعًا ضئيلًا.
ولما رأى ابن سعود بكامل فكرته معاملة الشريف للإنكليز وعدم وفائه بالوعود، لذا أحب أن يكسب الخلاف الذي بينها وبينه، فالحسين طالما ألبَّ عليه ابن رشيد وآل صباح وغيرهم، وأراد أن يضربه ضربةً لا يفيق منها، ولكن الإنكليز لم تتخل عن الشريف لأنهم لا يزالون يذكرون أيامه ومقاماته لهم، ولكن ما الحيلة وقد بلغ السيل الزبى.
استهلت هذه السنة وسالم بن صباح يرغي ويزيد غضبًا على ابن سعود والشريف مصرّ على مقاومته، والأمير على الجبل عبد الله بن متعب.
وفيها في محرم أمر الشريف ابنه عبد الله أن يتوجه إلى معان ويتخذ منها الركز الحربي للجيش الحجازي، فتوجه عبد الله من مكة يوم الأربعاء الموافق 16 محرم، وذلك لما فكر الحسين في استرجاع سوريا بعد أن طرد منها ابنه فيصل أو على الأقل أن يتفق مع فرنسا، وكان قد أخبر نجله عبد الله أنه سيكون وكيلًا عن أخيه فيصل في سوريا، فوصل عبد الله معان في 11 ربيع الأول من هذه السنة وبرفقته قوة من بدو الحجاز، فأخذ يتحدث إلى أعوانه وقادة جيشه بما ملخصه: