ففيها وصل إلى جدة تجار ألمان أتوا من الصين الألمانية واي هاي واي، متنكرين باسم تجار يابانيين وعبروا مضيق ملقا إلى سواحل الهند فالبحر العربي فباب المندب فجدة ثم أرادوا الذهاب إلى سوريا فشرعت الحكومة تستعد لهم بقوة لتوصلهم وتحافظ عليهم ولكن الشريف على ما يقال حال دون ذلك وتعهد بإصالهم من قبله أناسًا ليكونوا أدلاء ورفقاء لهم ثم أوعز لقومه أن يقتلوهم عن بكرة أبيهم فقتلوهم بعد مغادرتهم لجدة بمراحل.
فنقول قامت الإنكليز بما لديها من القدرة فاستمالت العرب إليها بالسياسة والأطماع والمكر والخديعة وبذلت الأصفر الرنان لأمراء الأتراك ومنتهم بوعودها فخانت الأمراء والوزراء دولتها ما عدا ابن رشيد فإنه لا يزال على ولاء الأتراك.
ولما انضم العرب إلى الحلفاء وكان في صفها روسيا قامت بريطانيا تستقرض من اليهود والأمريكيين لأن أمريكا كانت إذ ذاك على الحياد، فدفع اليهود قرضًا سمينًا للإنكليز ووعدتها وعدًا عرف بوعد بلفور نتيجته أن يعطي اليهود مقابل ذلك القرض سكنى فلسطين، ولقد أخطأت بريطانيا بهذا الوعد وظلمت العرب مساكنهم، ثم أنها شرعت الإنكليز في مفاوضة الشريف على أن الأتراك يفاوضونه لأنهم في ريب منه.
بينما كان الملك حسين بن علي الشريف في ظهر يوم من الأيام على المائدة في الطائف عنده ابناه عبد الله، وزيد، دخل الحاجب يقول غريب في الباب يبغي سيدنا وكان هذا الغريب رسولًا خفيًا جاء إلى الحجاز متذرعًا بالحج وهو يحمل إلى الشريف سرًا من مندوب بريطانيا العظمى في مصر "اللورد كتشن" دعوة للانضمام