وكان قد أرسل ابن سعود أخاه سعدًا وعمره إذ ذاك سبع عشرة سنة إلى عتيبة يستنجد رجالها لهذه الغاية ولكن عتيبة ولت وجهها شطر مكة فانحازت إلى الشريف حسين مضيف بعض العرائف ومكرمهم إكرامًا لابن سعود، قائلًا ليس بيننا وبين ابن سعود أيها النجيب غير ما يوجبه حسن الجوار وهذا لا يخفى على نباهات كمالات نجابتكم.
هذا ولم يكن بين الحسين بن علي وبين ابن سعود عداوة توجب الحرب في هذه الأيام، ولكن الشريف كان مواليًا للاتحاديين ساعيًا في اكتساب ثقتهم طامعًا بالسيادة له ولأنجاله وكانت الحكومة قد فقدت الثقة ببيت آل رشيد بعد أن تعددت فيهم الجرائم العائلية فأدارت بنظرها إلى الحسين وهي ترجو أن يستميل في الأقل ابن سعود إليها، ولا ريب أن الشريف وعدها بأكثر من ذلك.
لما تقرر دستور الدولة العثمانية كان نقباؤها طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا فلما عزمت إيطاليا على محاربة الدولة العثمانية في طرابلس الغرب اغتنمت فرصة اشتغال العثمانيين بثورة حوران فأرادت أن تضعف قوة الأتراك وتشغلهم لتقسيم جنود الأتراك إلى أقسام ليتمكن لها التوغل في طرابلس وتحوز النصر والآمال التي كانت تحلم بها، فرأت أن أقرب وأسلس رجل يعتمد عليه هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد الإدريسي أمير عسير، فخابرته واتفقت معه، وكان لها من أقارب الإدريسي بمصر رجال يتفاوضون معها وتخابرهم في كل ما يلزم لتنفيذ الخطة الموضوعة وقد تم الاتفاق وظهر الإدريسي للقوم بمظهر الناصح المرشد ينصحهم ويغريهم على الحكومة بقالب مستتر؛ فظهرت المشاغبات وتوالت الشكايات.
فلما جرى بين الدولة العثمانية ودول الفرنج مبادئ الحرب والعداء واتفقت إيطاليا مع الإدريسي كان أول من انضم إلى الحلفاء من أمراء العرب وأول العرب