ثم رجع عبد العزيز بن عبد الرحمن من الكويت في أواخر هذا العام راكبًا مطية الإفلاس يعلوه الغم والكآبة.
وفيها في جمادى الأولى تقدم الشيخ الفاضل عمر بن محمد بن سليم إمامًا في مسجد عودة الرديني في بريدة وجلس فيه للتدريس فحصل عليه إقبال عظيم والتف عليه أمة من طلاب العلم حتى أصبح ذلك المسجد ينتابه القريب والبعيد فضربت إليه آباط الإبل من كل جانب وعكفت الأمة حوالي تلك الحلق يستمعون ويدرسون وكان ذلك الوقت قابلًا للتعليم، وينشأ ذلك عن نية حسنة ورغبة في العلم والدين والخير، ما كان لهم مساعدات مالية بل كانوا يعيشون في فقر وقلة ذات يد، ويطلبون العلم بتواضع وأدب وسكينة ويصبرون على مرارة التعليم ويبحثون وينسخون الكتب ويحتفظون في الفوائد ويوقرون من يتعلمون منه ويدأبون في طلب العلم والجد والاجتهاد؛ فنشأ عن هذا الإقبال والنية الحسنة رجال حصلوا على العلوم الشرعية وخدموا الحكومة في وظائف القضاء والوعظ والإرشاد والفتوى امتلأت منهم الأقطار ونشروا علمهم في الأمصار، ويا ليت ذلك قد استمر ولكن أنى وهيهات كيف لا وقد أذن الله بالإدبار ورحى المنون لا تزال تدار وأهل العلم لا يزال عقدهم في انتثار.
ولقد جرى على يدي هذا الشيخ العظيم تعليم ديني ونهضة عجيبة لو كانت في مصر أو الشام أو العراق في القرون المتأخرة لامتلأت بها الصحف وافتخر بها الأواخر على الأوائل وقصرت دونها سورة كل مطاول وعلينا أن نذكر تلامذته فيما يأتي في مواضعها وفي ترجمته بعد وفاته.
ففيها تصالح ابن سعود وابن رشيد ونية ابن سعود في ذلك أن يتمكن من استخدام ما تبقى لديه من قوة في مقاومة العرائف الذين خرجوا عن طاعته