وكثرت المشاغب فلم يستطع أحد الفريقين مواصلة القتال، ولكن ابن سعود خرج من قبه غازيًا بعض عربانه العاصين في أعالي نجد على طريق المدينة، ثم عاد إلى القصيم.

ذكر إمارة بريدة وقضائها

قد ذكرنا: جعل ابن سعود في إمارة بريدة عبد الله بن جلوي.

وأما القاضي فقد بعث ابن سعود إليها قاضيًا وهو الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن بشير، وكان عالمًا لا بأس به، غير أنه لا يعرف الرجال ولا يميز الناس، ومعرفة الناس أمر مهم يجب على القاضي، لأن من لا يعرف الناس يظن كل بيضاء شحمة وكل حمراء لحمة، حتى ذكر الإمام ابن بطة الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون في خمس خصال، فذكر الخامسة معرفة الناس.

وهذا مما يدل على جلالة الإمام أحمد ومحله من العلم فإن معرفة الناس أصلًا عظيم، وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح، فيتصور له الظالم بصورة المظلوم وعكسه، والمحق بصورة المبطل وعكسه، وراج عليه المكر والخداع والاحتيال وتصور له الزنديق في صورة الصديق، والكاذب في صورة الصادق، وليس كل مبطل ثوب زور تحتها الإثم والكذب والفجور، وهو لجهله بالناس وأحوالهم وعوائدهم وعرفياتهم لا يميز هذا من هذا.

وقد حصل بسبب عدم معرفة الناس شر كبير في قديم الدهر وحديثه.

أما ما كان من إمارة الشهم عبد الله بن جلوي، فأمر فوق ما يتصور وقد استطاع بفضل رأي وتدبير وصرامة وجرأة أن يسكن الأمور ويهدأ الأحوال ويقضي على الفتن.

وكان هو الذي باشر قتل عجلان في فتح الرياض، وأحد النقباء الذي اختارهم صاحب الجلالة لمعونته في فتحه وهو الذي سلمت مدينة عنيزة في فتحها لما جاء من قبل أبن سعود منجدًا، فسلمت في الحال لآل سليم أمراء ابن سعود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015