وكانت وصايا ابن سعود ثقيلة على قومه في المنع عن الفواحش وآخر كلمة قالها: الويل لمن اعتدى على النساء فإن يدي عليه، ثم إنه دخل على رأس جيشه يقصد من تقدمه من الفرسان.
وما كاد يخرج الناس من المساجد حتى علت الأصوات ودوت صيحات الحرب، فاشتبكت الجنود برجال أبي الخيل، ففرَّ ابن سعود هاربًا بعدما دوت البنادق يقول خنتموني يا أهل بريدة، غير أن الأنصار أدركوه يقولون لا بأس عليك يا طويل العمر، إن البلد لا تخلو من الأعداء، فرجعوا به وأدخلوه في بيت من بيوت بريدة، واستمر القتال طيلة الليل كانت الضحايا بين الفريقين خمسة عشر مقاتلًا عشرةً من رجال أبي الخيل وخمسة من رجال ابن سعود.
ولما هدأ القتال تقدم به الأنصار إلى بيت عبد الكريم بن ناصر آل جربوع، فدخل ومعظم رجاله فيه واستراح تلك الليلة بين أولئك الأنصار وجعل وجوه الأهالي يأتونه من كل فج، فاطمأن به المجلس واشتدت ثقته وابتهجت الأهالي بالسرور والبشارة، وقام عبد الكريم يقدم العبيط والتمر والقهاوي لابن سعود ورجاله، فأكلوا وشربوا وباتوا بخير والحمد لله وحده.
فلما طلع الفجر جاء بقية رؤساء البلد يبايعون ويطلبون العفو، فأجاب إلى كل ما طلبوا بشرط أن يسلم المقاتلون السلاح والحلقة، فسلموا قبل وقت الضحى ولكن الأمير أبا الخيل ظل محاصرًا يومًا وليلة، ثم طلب الأمان بعد ذلك فأمنّه ابن سعود على حياته وتركه يذهب حيث شاء، فرحل إلى العراق ثم إنها أذعنت بريدة وانطفأة نيران الفتنة واستراح أهلها من حكم آل مهنا وآل رشيد من ذلك اليوم.
ففيها استشار ابن سعود أهالي بريدة في بقاء قاضي آل أبي الخيل في بريدة وهو الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسر، فأشاروا عليه في عزله، فعزله عن القضاء وجعل مكانه الشيخ ناصر بن سليمان آل سيف مؤقتًا.