الوالي في الحميدية بجانب الحرم الشريف، وقد بنتها الدولة العثمانية مقرًا لمن تبعثه من الولاة.
أما عمل الشريف فإنه يكاد ينحصر في شؤون البدو وما إليهم، ولكنه بحسب قوة الشريف يتدخل في الأمور النظامية أو بعضها خصوصًا إذا كان الوالي من قبل الدولة ضعيفًا فترى الشريف يتدخل بما ليس من وظيفته، وهذا على حسب الأشراف، ولقد نشأ من تغالب هاتين السلطتين متاعب كثيرة للدولة والأهالي وضاع بسببه أموال كثيرة وحقوق ليست بقليلة، فإنه لا يمكن أن تصلح بلد فيها سلطتان تسير كل واحدة إلى جهة وتحاول كل منهما التغلب على الأخرى، ولكل واحدة منهما من القوة ما يغريها ويحملها على المشاكسة، وإذا كان الأمر كذلك فهل يخفى أن الحسين لما فطر عليه من النصرة العربية يكون أشد الأمراء الأشراف مشاكسةً ومعاكسةً للوالي التركي، فالله المستعان.
ففي هذه السنة عاد صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن بعد ما تمت المعاهدة بينه وبين سعود بن حمود بن رشيد إلى البكيرية، فعسكر فيها وسار بنفسه إلى عنيزة يريد استرجاع بريدة وما قطع اليأس منها، وجعل يستطلع الأخبار، فأخبر أن أهل بريدة مستعدون الاستعداد التام هذه المرة وكانوا صادقين وعازمين على الهجوم، ذلك لأنهم قد ملوا إمارة آل أبي الخيل وانتقدوا فعلهم، فبادر عبد العزيز إلى حصانه وعدا به عائدًا إلى البكيرية، فقطع مسافة خمس ساعات في ساعتين ونصف وأمر عند وصوله بالزحف السريع إلى بريدة، فزحف الجيش في ذلك النهار إلى أن وصل حوالي بريدة عند غروب الشمس فنزل موضعًا على مسافة أربعين دقيقة شمالًا عنها، وأين الرجال؟ أين المستعدون للحرب؟ الحق يقال أن السيادة كل السيادة فيها لمحمد بن عبد الله أبي الخيل.
فقام أعضاء أهل بريدة ورؤسائهم وهم الذين بيدهم الضبط والربط يرأسهم