معبّر، فأخبره أنه على الحق وأعدائه على الباطل، وأمره أن يكون متبعًا له، ورأى بعض مخالفيه في المنام: كان الشيخ جالس وحواليه أصحابه، وقريبًا من ساحتهم بعض المخالفين له، فجاء ملك ووقف على رأسه وجعل يقرأ قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109]، ويشير إلى الشيخ وأصحابه، ثم قرأ: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 110]، ويشير إلى مخالفيه، ثم قرأ: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111]، ويشير إلى الشيخ أصحابه.
وكان جلالة الملك عبد العزيز يقول في محفل كبير لما قدم مقاطعة القصيم: إنكم سموتم على أهل العارض يا أهل القصيم بشجرتين، شجرة آل سليم وشجرة نوع النخيل المسماة الشقراء، وكان لهذه المقالة سبب، وهو أنه دعي بجلالة الملك رجل من الإغنياء المياسير وكان قصده بذلك أن يستميل قلبه عن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، فساعة جلس في بيت هذا الرجل بدره ومن إليه ينحو بهذا الكلام قبل يبدأه، وهذا يعتبر إما فراسةً من هذا الملك الموفق، أو يكون الله تعالى أنطقه بما كان يختلج في صدورهم، ولقد جعل الله لهذا الشيخ هيبة عظيمة وسمعة طيبة، فكان يقتع بكلامه كل من سمعه، ولا يزال ذكره عاليًا يملأ المسامع، كما أن أمارات القبول لا تزال لائحة عليه، وأعين الخلائق شاخصة بالثقة إليه.
وقد أراده بعض الأشرار بسوء وذلك بإيعاذ من بعض الرؤساء له بقتله على ما تتصوره عقولهم، فلما همّ به سوء وجعل يكمن له بالليل عصمه الله منه وقبض على يديه، وأخبر الشيخ بما بيته له الأعداء وأن الله أعجزه عنه، وكان له معاملة مع ربه، فكان في عبادته والانكسار بين يديه أمرًا عجيبًا بحيث ضبط على جهة التحقيق أنه ما في جامع بريدة موضع قدم ولا شبر إلا وقد صلى فيه ركعتين وأودعه برهانًا يشهد به يومئذٍ تحدث أخبارها، وقد عمر المسجد الجامع في بريدة التزم بنفقته لو كانت بأجمعها، وكان الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن كثيرًا ما