لأبن سعود، فوافق في هذه السنة قلة أمطار وقحط، فضاق العيش جدًا بسكان الزلفي، ولحق الضيق بالجيش حتى كانوا يأكلون جمار النخيل، فلم يمكن السير إلى بريدة لقلة الزاد والركائب، مع أنه ليس في الطريق بلد يأوون إليه، أضف إلى ذلك أن ابن رشيد له الاستيلاء على القصيم أجمع، فماذا عسى أن يفعل ابن سعود.
ولما أن أصبحت الأمور كما ذكر، كتب عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى بعض المواليين له في القصيم يطلب منهم أن يؤلفوا سريات تهجم على بعض البلدان تمهيدًا لدخوله، تفتح له الباب، فلم تتفق المسألة لصعوبة ذلك، فلما تيقن ابن سعود أنه لا يستطيع الهجوم ولا البقاء في الزلفي، اقتضى رأيه الميمون أن يعود إلى الرياض، أما ابن رشيد فإنه رحل من القصيم قاصدًا البطين لعله أن يظفر هناك ببعض عربان ابن سعود، فأقام على ذلك عشرة أيام يفكر في الوسيلة لقطع دابر الخصم، وما أحسن ما قيل في مثل حالته وأشباهها والأمثال تضرب للناس:
فوا أسفًا أن لا حياة لذيذةً ... ولا عمل يرضى به الله صالحٌ
"بيان" إذا أطلقت السرية فإنها من المائة إلى خمسمائة خيال، والجيش إذا أطلق ما كان أكثر من ذلك، وكذلك إذا أطلق على الأمير الشيخ فإنهم يطلقون ذلك على من كان حاكم في البلد وله السلطة عليها، فكان شيخ الكويت مبارك بن صباح وشيخ قطر قاسم بن ثاني وشيخ المحمرة خزعل بن مرداو وشيخ البحرين عيسى آل خليفة وشيخ نجد عبد العزيز بن عبد الرحمن، ثم إنهم جعلوا يطلقون على عبد العزيز لفظة الشيوخ.
لما رأى عبد العزيز بن متعب أمور ابن سعود قد نجحت واستصعب عليه أمره، والتفت عليه عشائر نجد، لم يجد مندوحة عن الألتجاء إلى الدولة العثمانية يستنجدها عليه، فأجمع أمره واستعد لحفظ القصيم، فأرسل أربعمائة