استهلت هذه السنة والحرب قائمة بين ابن صباح وابن رشيد، واضطرمت نيرانها، وكان لما سار مبارك بن صباح زاحفًا بجيشه الذي ألفه من مطير والعجمان وآل مرة وأبي عجيمي وعشائره وآل سليم وآل مهنا، جاء يقطع الصمان ثم الدهنا بهذا الجيش الذي عدده عشرة آلاف، وكان في جيشه عبد الرحمن الفيصل وابنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فنزل على ماء يدعى الشوكي دون الدهنا، ولما أن نزل عليه، طلب عند ذلك عبد العزيز بن عبد الرحمن من والده أن يأذن له بالإغارة على البوادي من أهل نجد ممن كان في ولاية ابن رشيد ليتقوى بما يأخذه منهم على محاربة ذلك العدو المريد والفاجر العنيد عبد العزيز بن متعب بن رشيد، وكانت هذه أول نزعة نزعها صاحب الجلالة والمهابة الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن، وكان عمره إذ ذاك عشرين سنة، فأذن له والده وطلب من مبارك قوة يسير بها نحو الرياض ليفتحها، وذلك لما قام بهذا النجل من الحماسة التي قضت له طلب الخروج معهم في هذه الغزوة، ولما أن بلغ ذلك الموضع طلب هذه المسألة يريد أن يشفي كلومه:
فقام لأخذ الثأر يشفي غليله ... لعل إله العرش يؤتي ويفتح
بهمته العليا على غير قوةٍ ... ولكنه بالله يسعى ويكدح
يريد بلادًا ملكها غير حاصلٍ ... وما بالهوينا بابها يتفتح
على كل ذي جبن حرام حصولها ... ومن دونها نار تعوم وتلفح
تخير فوق الصافنات مقامه ... ولا في هوان مستريحًا ويمنح
ومشروبه لو كان مرًا وحنظلا ... ففي طلب الأوطان أحلى وأقرح
يخوض بحار الهول حمراء يصطلى ... بنيرانها للنفس يرمي ويسبح
إذ العز في حامي الوقائد جنةٌ ... أجل وأبهى من ديار تنزح
فسير معه مبارك بن صباح ألف رجل من البادية ليستولي على الرياض، فزحف عبد العزيز بجيشه من الشوكي يريد الاستيلاء على الرياض، وزحف مبارك بجيوشه يريد الخصم الألدّ، ولما زحف مبارك احتل في طريقه بلدانًا عديدة في نجد