ففيها وقع نزاع بين أمير مكة الشريف عون الرفيق بن محمد بن عبد المعين بن عون وبين الوالي التركي الذي تجعله الدولة مقابلًا للأمير يدير النظام، وكان هذا الوالي يدعى عثمان نوري باشا والي الحجاز، وقوى من دانها ذلك العصر، وجرت مشاحنات ومنازعات في السلطة، ولما جرى ذلك دخل في ذلك النزاع سادن الكعبة عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن زين العابدين الشيبي، وانضم إلى حزب الوالي التركي، كما أنه انضم إلى حزبه أيضًا مفاتي مكة ورئيس السادة العلوية ونائب الحرم، وبعض من لهم شخصية بارزة من الأشراف ورفع كل من الشريف عون الرفيق، وعثمان نوري باشا الأمر إلى السلطان عبد الحميد خان بن عبد المجيد خان العثماني صاحب الولاية والسلطنة على الممالك العثمانية ومن ضمنها الحجاز واستعان عثمان نوري باشا على الشريف عون بمضبطة من الذوات ذكرهم ضد الشريف عون.
فانجلت المعركة بفوز الشريف عون الرفيق على خصمه، وكان النصر حليفه في ذلك المشكل وصدر أمر السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد بعزل والي الحجاز عثمان نوري باشا، وبعزل الأعيان الموقعين في تلك المضبطة ونفيهم جميعًا من الحجاز.
ففعلًا جرى عزل الجميع من وظائفهم ومن بينهم السادن للكعبة عبد الرحمن بن عبد الله الشيبي فإنه عزل غير أنه لطيف به فلم ينف من الحجاز كغيره ولكنه بارح مكة المكرمة وسكن الهدى، وهي قرية صغيرة واقعة بسفح جبل كرا الذي هو شرق مكة وواقع بينها وبين الطائف، وهو من سلسلة جبال السراة، ويبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 2200 مترًا، ويبعد عن مكة نحوًا من 35 ميلًا، وبينه وبين الطائف نحو 8 أميال، ثم إنه تولى بعده سدانة الكعبة ورئاستها السادن محمد بن صالح بن أحمد محمد الشيبي في هذه السنة، فكان شهمًا همامًا، وتولى بعد ذلك رئاسة مجلس الشيوخ في عهد الملك حسين بن علي لما صار على مكة، واستمرت سدانة محمد 24 سنة حتى توفاه الله تعالى.