الحظ تدخل أناس لا ناقة لهم ولا جمل، فتقدمت العراق بطياريها، وإيران بعشرة ألوية، وقام حسين عمان وحكومة السودان يقاتلون مع اليمن الشمالي ضد اليمن الجنوبي، وجرت أضرار مخيفة في اليمن، وذلك من ضرب القنابل وإرسال الصواريخ، واشتدت المعركة على الجنوبيين، وتوقفت مصلحة المياه عنها بحيث رجعوا إلى الآبار يبحثون عن الماء ويبيعونها على العربات، وحرقت مصفاة الزيت في الجنوب، وحصل من الأذى ما الله أعلم به، وكان الرئيس الشمالي يقوم بإيقاف إطلاق النار ثم يهجم على غفلة من الجنوبيين، حتى استهدف الجنوب للسحق والمحق، فطلب اليمن الجنوبي من الدول الكبار إيقاف إطلاق النار، فلم تفلح، واشتد البلاء.
ولما أن انتهت هذه الفتنة في اليمن التي جلبت للمنطقة الدمار والويلات، ودمرت العمران والعجزة من الشيوخ، والأطفال والنساء، ولم يكن في اليمن عقلاء من فوقها يطفئونها، وكان كل من الطرفين يريد الانتصار، ونشر الهلاك لهذه الأمة وذهاب أموالهم، وتدمير منازلهم لما يريده الله تعالى: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 11]، فعياذًا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وما أحسن من الرجلين أن يجتمعا ويتفاوضان في إيقاف ذلك البلاء المستطير، ويعلموا بأن ذلكم تسكين الفتنة وإخمادها:
فقل لرجال الضبط والربط إنكم ... أسود حروبٍ للخطوب تقارع
لا يحيى الأنساب خوابت نتوسلم ... لا مهال الفي حتى يجمع
ألم تعلموا أن الفساد تعاقد ... ومصلق عبقر السان النصيع
وبربوة ينمو كل ما كان مهملا ... لجذوة نار شرها يقوقع
فإن لم نجد فعل العوقد مطفئا ... عجولا خوف فيها ليوث وأربع
لذا جعلها خلاف الرعايا رعاعها ... أذا لم يقم للمفسدين مروع
فإن قمتم في واجب النصح بينهم ... فأنتم على نور من الله ينفع
وقد أعفيت تلك الرياح عما قد ... نزيل يسيل الحق عنا ويرفع