الإنذارين على مجلس البعوثات ليرى رأيه فيهما ذلك بأن السلطان عبد المجيد يعرض مهام الأمور على المجلس الذي لا يقل عدد أعضائه عن مائة وثمانين عضوًا من عظماء الدولة ورجالها.
ولما كان في تاسع أبريل من هذه السنة رفض هذين الإنذارين وأعلن الباب العالي في حادي عشر أبريل للدولة الأوربية رفضه لهما، ومن ذلك اليوم صارت الحرب على أبواب تركيا، وأخذت تركيا من جهة وروسيا من جهة أخرى تتم تجهيزاتها الحربية وترسل جيوشها على الحدود، ولما رأت روسيا أنها لا تستطيع التغلب على تركيا والفوز عليها إلا إذا عبرت جيوشها بلاد رومانيا عقدت في 16 أبريل مع هذه الإمارة اتفاقية تسمح للجنود الروسية بالعبور في أراضي رومانيا وأعلنت روسيا في 24 أبريل من هذه السنة رسميًا الحرب على تركيا مبينة في إعلانها أن غرضها بالحرب نصرة المسيحيين، وأعلنت رومانيا استقلالها التام عن الدولة العثمانية واتفقت روسيا مع رومانيا في 14 مايو اتفاقًا دفاعيًا هجوميًا، وانضمت جنودها إلى جنود روسيا، ثم إنها أخذت الجنود الروسية تهاجم مدينة (بلفنة) المرة بعد الأخرى وارتدوا على أعقابهم خاسرين، لما أقام حولها عثمان باشا من المعاقل والحصون المنيعة، ولكن سوء حظ الدولة العثمانية قضى عليها بأن لا ترسل ما يلزم من المدد للغازي مختار باشا بعد أن فقد جيشه الرجال الأبطال، فسقطت منه لذلك قارص في أيدي الروسيين في هذه السنة وقد أعيت معاقل بلفنة وحصونها الروسيين فحاصروها حصارًا شديدًا وشهدوا قوة الأتراك وشهامتهم، وأعجب قيصر الروس نفسه بمهارة الغازي عثمان باشا وقوة إدراكه.
وقد طالت محاصرة بلفنة حتى انقطع المدد على الأتراك ونفد كل ما عندهم من الذخائر، فعزم الغازي عثمان باشا على الخروج من بلفنة مع جنوده الأشداء، فخرج في آخر هذه السنة بالفعل، ومرت الجنود العثمانية من وسط الأعداء غير خائفة نيرانهم ولا مقذوفاتهم بل جاعلةً وجهتها الاستحكامات التي كان أقامها الروسيون حول بلفنة على ثلاثة خطوط متعاقبة واستولت على مدافع الخط الأول