قد قدمنا ما توصلت به الأحوال في الحرب اللبنانية وكيف عمهم الله عز وجل بحرب طاحنة لا تبقي ولا تذر، وتأزمت الأمور وعمّ القلق في النزاع بين المسلمين والنصارى واليهود ورفع كل خائن في الشام رأسه في إثارة الفِتن، ولم يقتصروا على المذابح فيما بينهم حتى تدخلت إيران في هذا الشر وغيرها، ولما أن فشلت جهود المصلحين أولًا لم ييأسوا من السعي ثانيًا لعل وعسى.
وقام الإبراهيمي يسعى بالموضوع ولكنه بالرغم من ذلك اغتيل النائب في بيروت الغربية ناظم القادري وكان قتله وهو يهم بالدخول بالسيارة حين أطلق الرصاص عليه، وكان عضوًا في مجلس النواب من بيروت الغربية وجرى قتله يوم الخميس 21 صفر يوافق 21 سبتمبر أيلول (1989 م)، وكان قتله قد هز الأوساط القيادية في لبنان لأنها جاءت في وقت يستعد فيه اللبنانيون لملمة جروحهم وطي صفحة الحرب، وفي وقت تنشط فيه الجهود ولتطبيق مقررات اللجنة الثلاثية العربية التي تهدف إلى إعادة السلام، ولقد حذر الموفد الخاص للجنة الثلاثية الأخضر الإبراهيمي من مغبة تلك الأفعال ويصفون القتيل بأنه كان معروفًا بحماسته لقضايا العالم العربي، ولد في قرية البيرة، ونال إجازة الحقوق من جامعة دمشق وورث عن والده مفتي راسيا والحرص على الاهتمام بقضايا الناس وشئونهم، وفي عام (1951 م) انتخب نائبًا عن منطقة البقاع الغربي وتولى مناصب وزارية، ولقد قامت واشنطن وموسكو تدعوان لإنهاء معاناة الشعب اللبناني.
ولما أن كان في يوم الأحد 24 صفر من هذه عم التزام شامل بوقف إطلاق النار في لبنان وإعادة فتح مطار وميناء بيروت وهبطت أول طائرة قبل ظهر يوم الأحد في مطار بيروت، كما رست سفينة في ميناء بيروت في صباح ذلك اليوم وعمت فرحة شعبية غامرة وتدفق العائدون إلى العاصمة وافتتحت سفارة فلسطينية بمصر.