القوات قد اندفعت على الفور وتقدموا بالرشاشات ولم يعلموا ما كان عليه أولئك الطغاة بحيث جاءهم وابل الرصاص من فوق وكان اندفاعهم حرصًا على الفوز بتطهير المكان المقدس ومنهم من يؤثر الشهادة في سبيل الله فسقط من جنود الله خمسة وستون قتيلًا وجرح مائتان ولما أن دخلت القوات في الحرم الشريف انقطع عنهم الزاد بحيث أن أولئك الطغاة قاموا في المنائر يطلقون النار على الأمة برها وفاجرها فلا يستطيع أحد الدنو من المسجد الحرام غير أن أهالي مكة عملوا حيلة لإيصال الأغذية إلى القوات وذلك بواسطة عربات يحملون فيها الطَّعام مغطاة يدفعها الصبيان كأنها من القمام بحيث توصلوا إلى المقصود وهذا من باب التعاون على البر والتقوى وبذلت الحكومة أسبابًا لهلاك البغاة بحيث أطلقت مدافع الهاون على إحدى المنائر التي كانوا فيها فدخلت القنبلة في وسط المنارة ولم تؤثر فيها لقوة المنارة ومناعتها فاضطر البغاة إلى النزول إلى الأقبية بحيث ترصد لها رجال قتلوا أربعين منهم، ولما أن دخلوا في الأقبيلة أرسلت عليهم الحكومة الماء وأسلاك الكهرباء ليتمكنوا من القبض عليهم أحياء فاستفادوا من الماء شربًا ونقبت عليهم سقوف الأقبية لإسقاط القنابل عليهم غير أنهم كانوا يتلقونها ببراميل مملوءة بالماء فيبطل عملها.
مما جرى من العجائب وحماية الله لبيته أن أحد أولئك الأشقياء وقف أمام الحجر الأسود وجعل يطلق النار على المسلمين لعلمه أنَّه لا يصوب عليه السلاح وهو في ذلك الموقف، فخرج مخلوق على هيئة الهر الأسود من فجوة حجر إسماعيل التي تلي باب الكعبة وجعل يواثبه في وجهه ورقبته ويخدشه حتَّى طرده عن ذلك الموضع، نقله إلى أسماعنا شهود العيان الحاضرون.
ثم أنَّه بعد عشرة أيام طلب الدفاع أن يمنح حرية التصرف للقبض عليهم أو قتلهم فنزلوا يحملون أكياس الرمل أمامهم وهم خلفها برشاشاتهم حتَّى تم القبض