لأنهم طردوا عنه الفرس، كما أن الشام تحت حكم الأتراك بعد إخراجهم لجيوش محمد على صاحب مصر.

وكانت هذه الأمصار في ذلك الزمان لا يزال غالب أهلها يتمسكون باسم الإسلام، وغالب المساجد تقام فيها الصلوات الخمس ويتقيدون بمشاريع الدين، ولإن كان فيها شرك وضلال فإن فيهم من لا يزال يتعصب، ولم يحدث هذا الانحلال وضعف الديانات وتقرير القوانين إلا بعد ذلك لأن الاختلاط بالدول الأجنبية التي دخلت بلاد العرب كالأنجليز وفرنسا هو الذي صبغ الأمة بصبغة جديدة لأن الأديان وإن كانت بعيدة العهد من الرسل فلا بد أن يوجد من يثبت على رسومها من اليهود والمسيحيين، وما زالت تتضاعف الأديان وتضمحل حتى كانت الأمم الأخرى دهرية كلها إلا من شاء الله وقليل ما هم، وذلك لقلة الداعي وعدم الاعتناء بأمور الديانات وللإكباب على الدنيا واتساع الرقعة فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وإذا كان هناك من الأسبانين والإفريقيين، والأوربيين وغيرهم من ينتمي إلى دين الإسلام ويدين بالشريعة المحمدية لأنها لا تخلو الأرض من بقايا فإنهم ضعفاء قليلون بالنسبة إلى غيرهم فتعتبر بلاد العرب مركز الدائرة لدين الإسلام وتختص نجد بالديانة والثبات على الإسلام لقوة الاعتناء وبث الدعاة وتشجيع المتدينين، وما زالت الحكومة السعودية بعد النهضة الأخيرة العزيزية تدأب في قمع الفساد وتنشر الدعاية في مصر والسودان والهند والسند، وتوطد الصلات في العراق والشام واليمن، حتى أصبح الحجاز أحد أقاليم المملكة مطهرًا من القباب والتوسلات الشركية، ويعيش أهله في رغد العيش والثبات على الإسلام وحسن التمسك بقواعده العظام.

أن بلاد العرب والحق يقال لها مستقبل زاهر كما يشاهد في بيروت ولبنان وبغداد، وتطورت الحياة وتأثرت بحياة الشعوب ونهضت نهوضًا باهرًا وأصبح العرب بعد اللبن والطين في العمارة تلك الأزمان يبنون بالحجر والإسمنت المسلح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015