غدت كالبحار وتراكمت على الأرض طبقات من الوحل، حتى كادت دبابات الحلفاء ومصفحاتهم تغوص فيها، ودمروا السدود.

أما ما كان هتلر يمني به نفسه ويشجع ألمانيا حال كون طائرات الحلفاء تصب على برلين القنابل آناء الليل والنهار وهي تتهدم وتحترق وتأتيها القنابل الذرية، فهو السلاح السري الجديد الذي سيبدل وجه الدنيا ويغير مجرى التاريخ، غير أنها سلمت قبل انتهائه.

وكان يقول أن الجو لا يمكن حفظه أمام التطورات الفنية، ولكن وسائل الدفاع التي ستتخذها على ضوء العلم الحديث ستكفينا مؤونة هذه الغارات الجوية التافهة، وقد أبرم أمره على ضرب الحلفاء بها غير أن الظروف لم تساعد على إكمالها.

ولما سلمت ألمانيا وسكنت الحرب اهتزت أسلاك البرق في العشر الأواخر من جمادى الأولى من هذه السنة وخفقت الأفئدة، وطربت النفوس فرحة بانتهاء الحرب في أوربا.

ولقد كانت الأمم واجمة خلال هذه الست سنوات لما قاست من ويلات الحرب ومصائبها، وفي هذا اليوم تقف مستبشرة بمستقبل زاهر، فقد آن للعالم أن يعود إلى حياة السلم والطمأنينة بعد أن قضى فترة هذه الحرب الضروس وهو يئن تحت وطأة كابوسها وأهوالها المريعة.

ذكر ما جرى بعد سكون الحرب

لما انتهت الحرب حاولت فرنسا ربط سوريا بلبنان بمعاهدة تنال بها امتيازات عسكرية فرفضتها الحكومتان السورية واللبنانية، وأضربت المدن في الدولتين فضربتها القوات الفرنسية بالمدافع حتى تدخلت بريطانيا وأرغمت القوات الفرنسية إلى العودة إلى ثكناتها، ثم رفعت لبنان شكوى إلى مجلس الأمن كما فعلت سوريا، فاضطرت فرنسا إلى الجلاء واحتفلت دمشق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015