العسكري والمدني بلزوم انسحاب القوات الألمانية المسلحة منها والتراجع أمام جيوش الحلفاء بقيادة الجنرال إيزنهاور المتقدمة ببطئ نحو باريس، فسارع الرجال إلى وضع الألغام والمفرقعات والقنابل المؤقتة تحت جميع مداخل باريس والثكنات والجسور، وفي كل مكان هناك، وأراد هتلر أن يمحق جيوش الحلفاء في قلب باريس ويخربها ويدفنهم فيها، غير أن هذا الأمر لم ينفذ وأزيلت الألغام ورفعت القنابل والمفرقعات قبل ست ساعات من دخول جيش الحلفاء.
وفيها اشتدت المؤونة وغلت الأسعار جدًا، وتناهت الأطعمة في الغلاء حتى بلغت قيمة صاع الأرز عشرة ريالات، وبيع البعير بـ 770 ريال بعدما كانت القيمة 300 ريال، وصاع البر بثلاثة ريالات بعدما كان بريال ونصف، وهكذا البقر والغنم، وانتهت الثياب والقماش بالغلاء وانسدت أبواب البحور، لأن البواخر والسفن على خطر من العطب، ومن الأسعار ما زادت قيمته أربعة أضعاف، وقد بعث صاحب الجلالة عبد العزيز بن سعود مساعدات للفلاحين والمزارعين، كما قد بعث سيارات يحج فيها الفقراء، وهذا الغلاء واشتداد المؤونة إنما وقع بسبب شؤم الذنوب والمعاصي، نستغفر الله ونتوب إليه.
رفع الله منازله في جنات النعيم ووقاه بمنه حر الجحيم، ففي شهر محرم ابتدأ مرضه وكان شبيهًا بالسل، فما زال جسمه في انحطاط حتى توفاه الله في يوم 16 ذي الحجة، وهذه ترجمته:
هو الشيخ القاضي الإمام العالم العلامة أبو عبد الله عمر بن محمد بن عبد الله بن سليم، وتقدم ذكر نسبه، الحبر النبيل والألمعي الجليل، الإمام البلتع، والجهبذ الكبير الذي اتفق على تقديمه الخاص والعام، العظيم السميدع المقدام، الماهر في العلوم والنابغ في المنثور منها والمنظوم، شيخنا وأستاذنا فأعظم بمصابه على أهل الإسلام لأنه ركن عظيم آل إلى الانهدام، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.