ثم دخلت سنة 1269 هـ

ففيها أنزل الله الغيث في أوائل الموسم ثم إنها تتابعت الأمطار والسيول وعم الحياء بلدان نجد، وكثر الخصب ورخصت الأسعار جدًا، فبيعت الحنطة ثلاثين صاعًا بالريال، وبيع الأقط من ثمانية وعشرين صاعًا إلى ثلاثين صاعًا بالريال، وكثرت الكمأة حتى أنها بيعت في تلك السنة خمسين صاعًا في ريال قلت يا عجبًا سبحان المتصرف في ملكه فإن الكمأة يومنا هذا تساوي خمسين صاعًا منه خمسمائة ريال كما أن الأقط الآن كذلك في القيمة، وبيع التمر في تلك السنة ستين وزنة بريال، وفي بعض البلدان سبعين وزنة، وبيع السمن ثلاث عشرة وزنة بريال.

وفيها حصل بين عائض بن مرعي رئيس بلدان عسير وبين العساكر المصرية عدة وقعات نصره الله فيها عليهم إلى أن استأصلهم قتلًا وأسرًا، وكانت الدولة العثمانية تحاول بذلك الاستيلاء على اليمن وعسير، ولما نزلت جيوشها بقيادة توفيق باشا في الحديدة استرجعت أولًا الحكم من الشريف حسين بن علي بن حيدر، كان هذا من أبي عريش الذين كانوا يحكمونها ثم عاد الشريف بعد ذلك إلى مقره أبي عريش؛ ولما نزل توفيق باشا بلد الحديدة بانتداب الدولة استولى على أبي عريش، وتقدم بجيوشه إلى صنعاء، ولكنهم لم يستولوا عليها ولا تمكنوا من البقاء في اليمن الأعلى إلا أن الثورات في تهامة ولحج أضعفت شوكة الإمامة، وقسمت البلاد، ولما نصر الله تبارك وتعالى عائض بن مرعي على العساكر المصرية كتب إلى الإمام فيصل بشارة بذلك وأرسل إليه هدية معها قصيدة لقاضيهم علي بن الحسين الحفظي يذكر فيها مفاخر قومه وما أعطاه الله أميرهم عائض بن مرعي من الظفر والنصر على الأعداء في وقائع سماها وهي هذه القصيدة العظيمة:

أيا أم عبد مالك والتشرد ... ومسراك بالليل البهيم لتبعدي

وما أواك أوصاد الكهوف توحشًا ... ومثواك أفياء النصوب وغرقد

وما جاوزت ساقاك من سفح رهوة ... واشعافها ما بين عال ووهد

ومسراك من ذات العميق وكوثر ... ونهران من در القذال الملبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015