المذكور استقبل من قبل الحكومة السعودية استقبالًا فائقًا، ووردت برقية في نفس الوقت من الإمام يحيى إلى صاحب الجلالة الملك يطلب فيها إيقاف القتال وأنه على استعداد لقبول شروطه، فوافق جلالة الملك على ذلك بشروط أهمها إخلاء تجران، وتخليه الجبال، وفك الرهائن السجناء، وتسليمه الأدارسة، فتلكأ يحيى، ومضت جنود ابن سعود في تقدمها حتى استولت بقيادة الأمير فيصل على مدينة الحديدة، كما استولت على بلدة الطائف الواقعة جنوب الحديدة التي تعد مرفًا للزرانيق، وكذلك استولت على بيت الفقيه، والزيدية، والقطعية، وقدمت له قبائل الزرانيق الطاعة، فلم يسع الإمام يحيى إلا أن يرضخ في النهاية.
كان الإمام يحيى عندما بدت المناقشات بينه وبين جلالة الملك عبد العزيز في قضية عسير أرسل إلى الحديدة نجله الأصغر حسينًا ليرابط هناك مع كتائبه، وكان الأمير عليها من قبله رجلًا يدعى سليم بك، كان لديه معرفة وجديرًا بالرجولة، فلما شاء الله الذي لا يرد قضاءه أن تسقط الحديدة، أقبل في أحدى الليالي إلى الحديدة رسول سري يحمل نبأ وفاة الإمام يحيى في صنعاء فانضاف إلى ذلك أن الأمطار قد بللت السلك التلفوني فانقطعت المخابرات بين الحديدة والعاصمة، فأخذ الأمير سليم بك ينصح لحسين بن الإمام يحيى بأن يمشي في كتائبه في الحال إلى صنعاء، فأخذ الشاب نصيحته على القبول لأنه لا يخالف رأيه.
وأيضًا إنه قد سئم حسين الإقامة بمدينة الحديدة، فاغتنم هذه الفرصة وغادر الحديدة حذرًا عما سيتوقع من الاقتحام على ملكهم والاستيلاء على الأموال.
ثم فرَّ الأمير سليم بك بعدما حمل المال، فالتقى في الطريق بزميله أمير ميدي، وكان عبدًا محررًا، وقد صنع كصنعه، فرَّ بالمال معه، فمضيا إلى كمران، وهي جزيرة إنكليزية، وقد أملا أن يستقبلا فيها استقبالًا حسنًا، فتم لهما ذلك، وتمكنا بسهولة من الذهاب إلى عدن على مركب إنكليزي صغير، فلما وصلا إلى عدن اعتقلهما المقيم الإنكليزي فانتزع منهما المال وأودعهما السجن.