ولهفي فقد قل اصطباري فليتني ... بردت غليلًا إن جزعت فأجزع
أعزي محاريب العلى بإمامها ... فناظرها من فقده الدم يدمع
أعزي دروس الفقه بعد دروسها ... فمقلتها من حزن، فقده تهمع
تنكرت الدنيا ولكن تعرفت ... بطيب ثنا أبقاه في الخلق يسطع
وأقلامنا شقت عليه تأسفًا ... على فقد خد الطرس كم فيه ترصع
بريدة فأبكي إن فخرك قد ثوى ... بلحدٍ ولن يرجى لبدرك مطلع
بريدة للحزن السواد إلّا البسي ... فعنك بذا أمر الملامة يرفع
به صرت في الأمصار تاجًا بمفرقٍ ... فعادت تعزيك إذا التاج ينزع
جعلتي له الأحداق موضع رجله ... فكيف سمحت أنْ ببطنك يوضع
قفوا خبِّرونا هل بنا اليوم مثله ... وهل صار في الماضي بمثله يسمع
قفوا خبِّرونا أي شيخ مهذب ... يقوم مقام الشيخ إن ذاك تدعوا
قفوا خبِّرونا من يشابه شيخنا ... ومن كان من علم الهدى متضلع
قفوا خبِّرونا من يمازح طفلنا ... سواه وجلباب الحيا متدرع
أهلنا عليها الترب آهي ولوعتي ... فهل فيكم مثلي فتى يتوجع
أهالت عليه الترب في القبر راحتي ... فما راحتي يدري لها اليوم موضع
تركنا علومًا في الثرى إذ ثوى به ... وعدنا ببرقٍ خلبٍ حين يلمع
لقد مزج البحرين علمًا كذا ندى ... فلهفي ضريح ماء بحريه يبلع
لئن نهبت أيدي المنون لجسمه ... فذى سنة ما الموت في ذاك مبدع
فهذا طريقٌ كلنا له صائر ... فذاك مضى قدمًا وذا ذاك يتبع
تسير قفول العالمين جميعهم ... لذاك وللأرواح في الخلد مجمع
وإني لأرجو أن يكون مقامه ... بعدنٍ إذا يبدو به يتشعشع
فيا ربِّ حقق ظن عبدك واقبلن ... دعائي لذاك الشيخ فيها يمتع
وألحق محبًا قال ذاك بحبه ... فعفوك من ذني وإن جل أوسع
لفقدان شيخي ليتني لم أكن ... وإلا ففي لحدٍ ثوى فيه أوضع