اتفاقهم أيضاً أنها لا تشبه صفات البشر بوجه، إذ الباري لا مثل له، لا في ذاته ولا في صفاته.
الثاني: أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة، كما يتشكل في الذهن من وصف البشر، فهذا غير مراد؛ فإنَّ الله تعالى فرد صمد، ليس له نظير، وإن تعددت صفاته فإنها حق، ولكن ما لها مثل ولا نظير، فمن ذا الذي عاينه ونعته لنا؟! ومن ذا الذي يستطيع أن ينعت لنا كيف سمع كلامه؟ والله إنا لعاجزون كالُّون حائرون باهتون في حد الروح التي فينا، وكيف تعرج كلَّ ليلة إذا توفاها بارئها وكيف يرسلها، وكيف تستقل بعد الموت؟ وكيف حياة الشهيد المرزوق عند ربه بعد قتله؟ وكيف حياة النبيين الآن؟ وكيف شاهد النبي صلى الله عليه وسلم أخاه موسى يصلي في قبره قائماً؟ ثم رآه في السماء السادسة وحاوره، وأشار عليه بمراجعة رب العالمين، وطلب التخفيف منه على أمته؟ وكيف ناظر موسى أباه آدم، وحجه آدم بالقدر السابق، وبأنَّ اللوم بعد التوبة وقبولها لا فائدة فيه؟ وكذلك نعجز عن وصف هيئاتنا في الجنة، ووصف الحور العين، فكيف بنا إذا انتقلنا إلى الملائكة وذواتهم وكيفيتها، وأنَّ بعضهم يمكنه أن يلتقم الدنيا في لقمة مع رونقهم وحسنهم وصفاء جوهرهم النوراني، فالله أعلم وأعظم، وله المثل الأعلى والكمال المطلق، ولا مثل له أصلاً: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} 1 " 2.
من غير تعرض لكيفية"هنا يأتي التفويض عند السلف ـ رحمهم الله ـ وهو تفويض علم الكيفية إلى الله سبحانه وتعالى، فالمعنى لا يفوض بل يثبت. لكن الكيف لا يجوز لأحد ـ كائناً من كان ـ أن يخوض فيه، أو أن