فلو عقل هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر مثلكم " لما غلو فيه مثل هذا الغلو، ولما أعطوه من خصائص الرب جل وعلا.
وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم أشياء دون هذا في زمانه، ففي صحيح البخاري 1 أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمع جارية من الأنصار قالت: وفينا نبي يعلم ما في غد فقال:""دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين "، زاد ابن ماجه 2: "ما يعلم ما في غد إلا الله ".
ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قال: ما شاء الله وشئت قال:""أجعلتني لله عِدلاً؟ قل: ما شاء الله وحده " 3.
وسد صلى الله عليه وسلم ذرائع الشرك، وقال:""لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله " 4. وعبد الله: تبطل الغلو، ورسوله: تبطل الجفاء، والحق هو التوسط بين الغلو والجفاء، فلا يرفع فيعطى خصائص الرب، ولا يجفى فلا يمتثل أمره ولا تتبع سنته.
" يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه " أي: ملك الموت، وهذا أيضاً من خصائص البشرية، فهو صلى الله عليه وسلم يلحقه ما يلحق البشر من الموت، قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 5، فمن كان بشراً، ويلحقه ما