وهذه الأوصاف الأربعة مأخوذة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه:""فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " 1.
ففي هذا الحديث إشارة إلى صلاح العلم والعمل وأنَّهم قدوة في هذين الأمرين؛ فالراشد: من ليس عنده غواية، بل عنده بصيرة وعلم وفهم ودراية بدين الله جل وعلا. والمهدي من ليس عنده ضلال، بل عنده عبادة وطاعة وتقرب إلى الله تبارك وتعالى. ومن كان كذلك فهو إمام وقدوة في الخير. وهذا نظير وصف الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 2، فنفي الضلال فيه إثبات كمال ضده وهو الهداية، ونفي الغواية فيه إثبات كمال ضدها وهو الرشاد.
وهذا الترتيب الذي ذكره المصنف ـ رحمه الله ـ للخلفاء هو من عقيدة أهل السنة والجماعة ولم يخالف فيه أحد، وإنما عُرِفَ عن بعض أهل السنة تفضيل علي على عثمان. أما ترتيبهم في الخلافة فلا خلاف في أنَّ أحقهم بها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. ثم استقرت كلمة أهل السنة والجماعة فيما بعد على أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
وهذا الترتيب كان معروفاً عند الصحابة، كما جاء في صحيح الإمام البخاري 3 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قوله:""كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان