وتخصيصه بها من بين سائر الأنبياء دليل على فضله وعلو قدره صلى الله عليه وسلم.
" نصرت بالرعب مسيرة شهر " أي أنَّ الله عز وجل يلقي الرعب الشديد والهلع والخوف في قلوب أعدائه، فما يتوجه صلى الله عليه وسلم إلى عدو إلا ملأ الله قلوبهم رعباً وخوفاً من مقدمه عليهم.
" وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل " أي: في أيِّ مكان منها يتطهر، وفي أي مكان يؤدي صلاته، إن كان ثمة ماء توضأ، وإلا تيمم. ويستثنى من هذا الأماكن التي نُهي عن الصلاة فيها كالحمام والمقبرة.
وهذا فيه أنَّ الصلاة لا تؤخر عن وقتها، كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} 1.
" وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي " وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
" وأعطيت الشفاعة " والمراد بالشفاعة كما قدمت الشفاعة العظمى؛ فإنَّ الشفاعة لأهل المعاصي من الموحدين ليست خاصة به صلى الله عليه وسلم، بل الأنبياء والصالحون من عباد الله أيضاً يشفعون، وقد تقدم ذكر أنواع الشفاعة، وأنَّ منها ما يختص به صلى الله عليه وسلم ومنها ما يشمل غيره أيضاً.
" وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " بعث رحمة للعالمين ورسولاً للناس أجمعين.
وقد ثبت في السنة أحاديث عديدة، فيها ذكر ما فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: قوله صلى الله عليه وسلم:"" فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون " 2 وغيره، فإذا ضُمَّتْ إلى هذا الحديث