لكن كلام الزهري رحمه الله ثابت عنه 1، وليس مراده أنَّ الإسلام الواجب أو المطلوب هو الكلمة، بل مقصوده بـ " الإسلام: الكلمة ": أنَّ أول ما يُدخَل به الإسلام هو الكلمة: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أتى بها صار مسلماً متميزاً عن اليهود والنصارى تجرى عليه أحكام المسلمين. وإذا أتى بهذه الكلمة طُولب بما وراءها من أعمال الإسلام. وقوله: " والإيمان: العمل الصالح ": إشارة إلى أنَّه إذا وُجد الإيمان تُوجد الأعمال الكثيرة والطاعات العديدة؛ لأنَّ الإيمان إذا تحقق في القلب وتم واكتمل جاءت الأعمال على أحسن ما يكون 2.

" قلنا: فعلى هذا قد يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر بالله عز وجل "

وهذا يوضحه بعض أهل العلم بوضع ثلاث دوائر، كلُّ واحدة منها أضيق من الأخرى، فالدائرة الصغرى الإحسان، والأوسع منها الإيمان، ثم الأوسع منها الإسلام، فيحتاج العبد إلى أن يحقق الإسلام والإيمان حتى يصل بعد ذلك إلى درجة الإحسان. فإن خرج من الإحسان لم يخرج إلى الكفر وإنما يخرج منه إلى مرتبة الإيمان، فإن خرج من الإيمان كان في مرتبة دونه وهي مرتبة الإسلام، فإن خرج منها فما ثم إلا الكفر 3.

فعلى هذا كلُّ محسن مؤمن مسلم، وكلُّ مؤمن مسلم، وليس كلُّ مسلم مؤمناً، وليس كلُّ مؤمن محسناً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015