وقال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1.

2ـ وقسم يزول بزواله كمال الإيمان الواجب، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:""لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن " 2. فليس المنفي هنا أصل الإيمان كما يقوله الخوارج والمعتزلة، وإنما هو كمال الإيمان الواجب؛ لأنَّه واجب على كلِّ مسلم أن يبتعد عن الزنا. وهكذا القول في بقية الأمور المذكورة في الحديث.

3ـ وقسم يزول بزواله كمال الإيمان المستحب، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"" الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من"الإيمان " 3. فعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، لكن من ترك إماطة الأذى فقد نقص إيمانه المستحب؛ لأنَّه ليس أمراً واجباً، بل هو أمر مستحب وأجره عند الله عظيم وثوابه جزيل، وهو من موجبات مغفرة الذنوب ودخول الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق، فأخَّره، فشكر الله له، فغفر الله له " 4. ولهذا إذا قيل عن أمر من أمور الإيمان إنه مستحب لا يعني هذا أن يستهين به العبد، فإنه قد ينجو به من النار.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ في بيان هذا التقسيم ـ:""وهو مركب من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015