أحدثوا بعدك " وهم ـ بحمد الله ـ ليسوا كذلك، وحاشاهم من ذلك، قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} 1 هذا هو شأنهم، والتبديل إنما وُجد فيمن بعدهم. فهم أعظم الناس مراعاة للسنة وتقيداً بها وبعداً عن البدع، بل لم يتعلم الناس السنة ولم يعرفوها إلا من طريقهم.

فإذا حُكِم على هؤلاء الأخيار بأنهم مُحْدِثون فمن أين للناس أخذ الدين وتلقيه؟! ولهذا فإنَّ الطعن في الصحابة طعن في الدين ذاته، كما قال أهل العلم: الطعن في الناقل طعن في المنقول. يقول أبو زرعة الرازي:""إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة " 2.

ولهذا فإنَّ أهل السنة إذا صح الإسناد عندهم وجُهِل الصحابي لم يؤثر ذلك في صحة الحديث؛ لأنَّ الصحابة كلَّهم عدول بشهادة الله لهم، وبشهادة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع الأمة على خيريتهم وفضلهم، فهم أولى الناس دخولاً في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 3. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:""خير الناس قرني " 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015