2ـ فإن لم يكن مالكاً، فهناك احتمال دونه، إن وجد فإنَّه يستحق أن يعبد، وهو أن يكون شريكاً للمالك في ملكه، وقد نفت الآية هذا الاحتمال أيضاً بقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} .
3ـ فإن لم يكن مالكاً ولا شريكاً للمالك، فثمة احتمال ثالث، إن وجد فإنه يستحق أن يعبد، وهو أن يكون ظهيراً للمالك ومعيناً، فنفت الآية ذلك أيضاً بقوله تعالى: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} .
4ـ ويبقى احتمال رابع، وهو أن يملك الشفاعة الابتدائية عند المالك بدون إذنه، فنفته الآية بقوله: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} . ثم ذكر مثالاً لحال الملائكة الذين هم أشد المخلوقات وأقواها، فبين حالهم مع الله، فإنَّهم مع عظم قوتهم وشدتهم وجسامتهم وقدرتهم ـ يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش: إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة" 1 ـ"فهذه المخلوقات العظيمة إذا تكلم الله بالوحي خرت صعقة، فهي لا تملك شيئاً لنفسها ولا لغيرها، فكيف تدعى من دون الله. ولهذا قال الله عز وجل في ختام الآية: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} أي: الذي يستحق أن يعبد هو العلي الكبير.
بعد أن فرغ المصنف ـ رحمه الله ـ من ذكر النصوص والأدلة التي فيها إثبات الحرف والصوت في كلام الله، ختم هذه الصفة بإيراد شبهة أهل الكلام التي لأجلها أنكروا الحرف والصوت في كلام الله، فقال:
" وقول القائل: بأنَّ الحرف والصوت لا يكون إلا من مخارج: باطل ومحال "