الرب العظيم، وأنَّه هو سبحانه الذي تكلم به، لا شك أنَّه سيزداد"رعاية للقرآن واهتماماً به ومعرفة لحرمته ومكانته، والمصنف ـ رحمه الله ـ لما أورد حديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو قصد هذا المعنى، فلكلام الله الذي تكلم به حرمة خاصة، فلا يُذهب به إلى أرض العدو كي لا يمتهن.
وعلى العكس من ذلك، إذا اعتقد الشخص أنه ليس كلام الله وإنما هو مخلوق من مخلوقات الله شأنه كشأن بقية المخلوقات، فلا ريب أنَّ هذا الاعتقاد سيوجد في قلب صاحبه إضعافاً لمكانة القرآن ولابد، ولهذا يؤثر عن بعض أئمة هذه البدعة كالجعد بن درهم والجهم بن صفوان وأضرابهم الشيء الكثير من الامتهان للمصحف والاستخفاف به ورميه 1.
" وأجمع أئمة السلف والمقتدى بهم من الخلف على أنَّه غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر "
مضت كلمة الصحابة رضوان الله عليهم على الإيمان بأنَّ القرآن كلام الله، وأنَّه سبحانه هو الذي تكلم به. وليس عند أحد منهم إلا هذه العقيدة. فكان يكفي في الاعتقاد أن يقول القائل: القرآن كلام الله.
ثم ظهرت بدعة الجهمية، وجحد الجعد بن درهم أن يكون الله كلَّم موسى تكليماً، أو أن يكون اتخذ إبراهيم خليلاً، ونشر بدعته هذه بين الناس. ثم نشأت المعتزلة فلبَّسوا على الناس وقالوا: يصح أن يضاف الكلام إلى الله، لكن إضافته إضافة خلق، فيقال كلام الله مثل ما يقال ناقة الله أو بيت الله أو عبد الله. فأصبح ـ مع وجود هذه البدع ـ لا يكفي في المعتقد أن يقول القائل: أنا أؤمن بأنَّ القرآن كلام الله. بل لا بد من التنصيص على كلمة: " غير