[صفة الكلام]

ثم شرع المصنف ـ رحمه الله ـ في بيان ما يتعلق بإثبات صفة الكلام لله جل وعلا، وأنَّه يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء.

والكلام في هذه الصفة طويل جداً ومتشعب، وله جوانب كثيرة، وكلام أهل الباطل فيه كثير، وشبههم فيه متعددة، وكثير من كتب الاعتقاد سواء المؤلف منها على عقيدة أهل السنة والجماعة أو على طريقة المتكلمين يبسط فيها القول بسطاً واسعاً فيما يتعلق بهذه الصفة، حتى إنَّه قيل: إنَّ علم الكلام إنما سمي بهذا الاسم لكثرة الكلام في صفة الكلام، لكن هذا القول غير صحيح، بل سمي علم الكلام بهذا الاسم لأنَّ فيه خوضاً في الدين بغير طريقة المرسلين، بل بآراء محضة وعقول صرفة ومنطقيات وفلسفات. ولهذا فإنَّ من التعدي البين أن يسمى علم التوحيد علم الكلام؛ لأنَّ علم التوحيد مبني على الوحي: كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أما علم الكلام فمبني على آراء الرجال وتخرصاتهم وظنونهم.

وأهل السنة يؤمنون بهذه الصفة إيمانهم بسائر صفاته جل وعلا، ويمرونها كما جاءت، ويثبتونها كما وردت، وما يلزم في كلام المخلوق من لوازم فإنَّه ليس بلازم في كلام الخالق؛ لأنَّ من عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام ما يعتقدونه في جميع الصفات، ألا وهو أنَّ كلامه سبحانه ليس ككلام خلقه، بل كلامه يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه. والفرق بين كلامه سبحانه وبين كلام خلقه كالفرق بينه تعالى وبين خلقه، كما قال أبو عبد الرحمن السلمي:"فضل كلام الله على كلام سائر خلقه، كفضل الله عز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015