وهذا المعنى الذي نبه عليه ابن القيم ـ رحمه الله ـ مستفاد من قول الله عز وجل في هذا الحديث: " أنا عند ظن عبدي بي " فالإضافة إلى الله: عبدي. تقتضي عبودية من العبد وصلاحاً فيه، كما في قوله تبارك وتعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} 1. فقوله: " عبدي " دال على صلاح في العمل، فمع هذا الصلاح يستقيم حسن الظن بالله تبارك وتعالى.

" أنا عند ظن عبدي بي " أي: إن ظن بي خيراً حصَّل خيراً، وإن ظن بي شراً حصَّل شراً. ولهذا على العبد المؤمن أن يقبل على طاعة الله وأن لا يظن بربه إلا خيراً، ويتأكد هذا الأمر عند الموت، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن" 2. فيظن بربه أنَّه سيرحمه ويغفر له، ويدخله الجنة وينجيه من النار.

" وأنا معه " المعية نوعان:

1ـ معية عامة: وهي علم الله بالعباد واطلاعه عليهم ورؤيته لهم، وأنَّه لا تخفى عليه منهم خافية.

2ـ ومعية خاصة: كما في هذا الحديث، وهي تقتضي الرعاية والتأييد والحفظ والتسديد والتثبيت والتوفيق. فمعنى: " أنا معه " أي: أسدده وأعينه وأوفقه وأحفظه.

" حين يذكرني " في هذا فضل ذكر الله عز وجل، فالعبد إذا حافظ على ذكر الله نال بذلك معية الله الخاصة له.

" فإن ذكرني في نفسه " أي: ذكرَ الله سراً بينه وبين نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015