وجهاً واحداً أيضاً، وإلا فالوجوه في إبطال هذين التأويلين كثيرة جداً.
" وكل ما قال الله عز وجل في كتابه، وصح عن رسوله بنقل العدل عن العدل " هذا تأكيد لما سبق تقريره في هذه الرسالة غير مرة من أهمية لزوم الكتاب والسنة، والتعويل عليهما، والاعتماد على ما جاء فيهما، وأن أهل السنة رحمهم الله في إثباتهم لصفات الله جل وعلا لا يتجاوزون الكتاب والسنة.
" بنقل العدل عن العدل " هذا ضابط لابد منه في الاحتجاج بالسنة، وهو أن تكون صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقول المصنف: " بنقل العدل عن العدل " يخرج الضعيف وما لم يثبت، وما كان في إسناده علة، وما لم يتصل، ونحو ذلك من العلل المعروفة عند أئمة هذا الشأن، فلا يحتجون في باب الصفات بأيِّ حديث يجدونه دون دراسة لإسناده، ومعرفة لصحته من سقمه.
وفي هذا دلالة على أنَّ إثبات أهل السنة والجماعة للصفات مبني على ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل، وأنهم لا يحتجون بكلِّ حديث يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. بخلاف ما يدعيه عليهم أهل البدع، الذين يلمزون أهل السنة بأنهم حشوية، لا يميزون بين الغث والسمين، والصحيح والسقيم، وإنما يجمعون كلَّ شيء ويحتجون بكلِّ حديث. وحاشا أهل السنة أن يكونوا كذلك.
فقول المصنف هذا، كما أنَّه يقرر منهج أهل السنة في هذا الباب، فهو يرد على طائفتين من أهل البدع:
الأولى: طائفة تلمز أهل السنة وترميهم بالاحتجاج بكلِّ حديث ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا وصفوهم بالحشوية.