الإسلام تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي الصعيدي المالكي والشافعي, صاحب التصانيف: ولد في شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بقرب ينبع من الحجاز، سمع من ابن المقير لكنه شك في كيفية الأخذ وحدث عن ابن الجميزي وسبط السلفي والحافظ زكي الدين وجماعة قليلة، وبدمشق عن ابن عبد الدائم وأبي البقاء خالد بن يوسف وخرج لنفسه أربعين تساعية.
وصنف "شرح العمدة" وكتاب "الإلمام", وعمل "كتاب الإمام في الأحكام" ولو كمل تصنيفه وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدًا، وعمل كتابًا في علوم الحديث، وكان من أذكياء زمانه واسع العلم كثير الكتب مديمًا للسهر مكبًّا على الاشتغال ساكنًا وقورًا ورعًا قل أن ترى العيون مثله.
سمعت من لفظه عشرين حديثًا وأملى علينا حديثًا، وله يد طولى في الأصول والمعقول وخبرة بعلل المنقول، ولي قضاء الديار المصرية سنوات إلى أن مات، وكان في أمر الطهارة والمياه في نهاية الوسوسة, رضي الله عنه.
روى عنه قاضي القضاة علاء الدين القونوي وقاضي القضاة علم الدين بن الأخنائي والحافظ قطب الدين الحلبي وطائفة سواهم، وتخرج به أئمة.
قال الحافظ قطب الدين الحلبي: كان الشيخ تقي الدين إمام أهل زمانه وممن فاق بالعلم والزهد على أقرانه عارفًا بالمذهبين إمامًا في الأصلين حافظًا متقنًا في الحديث وعلومه ويضرب به المثل في ذلك، وكان آية في الحفظ والإتقان والتحري شديد الخوف دائم الذكر لا ينام الليل إلا قليلا ويقطعه فيما بين مطالعة وتلاوة وذكر وتهجد حتى صار السهر له عادة وأوقاته كلها معمورة لم ير في عصره مثله.
صنف كتبًا جليلة كمل تسويد كتاب الإمام وبيض منه قطعة، وشرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه، وله "الأربعون" في الرواية عن رب العالمين و"الأربعون" لم يذكر فيها إلا عن عالم، وشرح بعض الإلمام شرحًا عظيمًا، وشرح بعض مختصر ابن الحاجب في الفقه لمالك, لم أر في كتب الفقه مثله.
عزل نفسه من القضاء غير مرة ثم يسأل ويعاد, وبلغني أن السلطان حسام الدين لما طلع إليه الشيخ قام للقيه وخرج عن مرتبته، وكان كثير الشفقة على المشتغلين كثير البر لهم. سمع ابن الجميزي وابن رواح وأحمد بن محمد بن الحباب والسبط, أتيته بجزء سمعه من ابن رواح والطبقة بخطه فقال: حتى أنظر، ثم عدت إليه فقال: هو بخطي محقق ولكن ما أحقق السماع له ولا أذكره, إلى أن قال قطب الدين: وبلغني أن جده لأمه الشيخ