...
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛ فإن الحديث النبوي الشريف قد استحوذ على هم الصحابة والتابعين وكل العلماء، فما من صغيرة ولا كبيرة، وما من أمر عظيم أو دقيق، حتى ما يتعلق في جزئيات حياته صلى الله عليه وسلم من طعام أو شراب أو قيام أو قعود أو سفر أو حضر أو التفاتة إلا وأحاطوها بالعناية الكبرى فحفظوها وتناقلوها جيلا بعد جيل، وأمة بعد أمة، فالصحابة إذًا هم ذوو الفضل ولهم اليد الكريمة والعظيمة في علم الرواية للحديث حيث وضعوا القوانين والمبادئ التي تحقق ضبط العدل للحديث، ومن هم الرجال الذين يؤخذ عنهم ويُسمع منهم ومن هم الذين يترك كلامهم ولا تقبل منهم روايتهم.
ولقد وضع العلماء لرواة الحديث ألقابا كل حسب درجته وقوة ذكائه وكثرة حفظه وغير ذلك، ومن هذه الألقاب:
1- المسند: وهو من يروي الحديث بإسناده، سواء كان عنده علم به أو ليس له إلا مجرد الرواية.
2- المحدث: وهو كما قال ابن سيد الناس: "من اشتغل بالحديث رواية ودراية، وجمع رواة، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره، وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه واشتهر فيه ضبطه" انظر تدريب الراوي ص11. وقسم الرواة ص197.
3- الحافظ: وهو أرفع من المحدث وفي تعريفه يقول ابن الجزري: "من روى ما يصل إليه ووعى ما يحتاج لديه".
4- الحجة: وهو الحافظ العظيم الإتقان والمدقق فيما يحفظ من الأسانيد والمتون تدقيقا بالغا ليصل حينذاك إلى لقب الحجة. أما المتأخرون من العلماء فقد عرفوه بأنه الذي يحفظ ثلاثمائة ألف حديث مع معرفة أسانيدها ومتونها.
5- الحاكم: وهو الذي أحاط علما بجميع الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير.