الخطيب الثاني، وكان نحويًّا مجودًا وشاعرًا مبرزًا جزل الشعر فصيح العبارة صحيح النقل ما كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا وأقام ببغداد. قال بن النجار في ترجمة بن ماكولا: أحب العلم من الصبا وطلب الحديث وأتقن الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات، نفذه المقتدي بالله رسولا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكهما طمغان الخان. قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير بن ماكولا فقال لي: خذ جزأين من الحديث فاجعل متون هذا الجزء لأسانيد الجزء الآخر ومتونه لأسانيد الأول حتى أرده إلى حالته الأولى. قال أبو طاهر بن سلفة: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه.

وأخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا السلفي قال: سألت شجاعًا الذهلي عن بن ماكولا فقال: كان حافظًا فهمًا ثقة صنف كتابًا في علم الحديث. وقال مؤتمن الساجي: لم يلزم بن ماكولا طريق أهل العلم فلم ينتفع بنفسه.

قال بن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن بن ماكولا كان له غلمان أتراك أحداث فقتلوه بجرجان سنة نيف وسبعين وأربعمائة. وقال بن ناصر: قتل الحافظ بن ماكولا وقد كان سافر نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك فقتلوه وأخذوا ماله في سنة خمس وسبعين وأربعمائة؛ هكذا نقل بن النجار. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت بن ناصر يقول: قتل بن ماكولا بالأهواز إما في سنة ست أو سبع وثمانين وأربعمائة. وقال السمعاني: خرج من بغداد إلى خوزستان وقتل هناك بعد الثمانين.

وقال أبو الفرج بن الجوزي في المنتظم: قتل سنة خمس وسبعين وقيل: سنة ست وثمانين. وقال غيره: قتل في سنة تسع وسبعين؛ وقيل: في سنة سبع وثمانين بخوزستان, حكى هذين القولين القاضي بن خلكان.

ومن شعره:

قوض خيامك عن دار أهنت بها ... وجانب الذل إن الذل مجتنب

وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة ... فالمندل الرطب في أوطانه حطب

وله:

ولما توافقنا تباكت قلوبنا ... فممسك دمع يوم ذاك كساكبه

فيا كبدي الحرى ألبسي ثوب حسرة ... فراق الي تهوينه فد كساك به

قلت: يعز وقوع حديث الأمير بن ماكولا، سمعت من عدة وأجازوا لنا عن أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015